ملتقي اهل اللغه (صفحة 11720)

3ـ اطلاعه الجيد على أسلوب القصة التي كتبها، وترجم العديد منها من اللغة الإنجليزية إلى العربية، الشيء الذي جعله يميل إلى ترجمة القصة والإبداع عموما، وهذه النصوص المترجمة ساهمت بشكل كبير في تطوير موهبة علي القاسمي الإبداعية من جهة؛ لأنه يستفيد من أساليب النصوص المترجمة، كما ساهمت، أيضا، في تطوير ملكته في الترجمة باستعادتها في أسلوب القصة لديه "4".

4 ـ اطلاع القاسمي الجيد على الثقافة الإنجليزية أدبا وفكرا، فهو جد ملم بالنص الأدبي، وخاصة همنغواي الذي تعرف عليه عندما كان طالبا، وقرأ جميع أعماله القصصية والروائية. ففي هذه الفترة، بالذات، كان القاسمي يعتبر همنغواي كاتبه المفضل باللغة الإنجليزية.

فهذا الحب لهمنغواي في المرحلة الطلابية، دفعه فيما بعد إلى الذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة، والتحقق من دراسة أعمال الأدباء الذين تحدث عنهم همنغواي في كتابه "الوليمة المنتقلة": عزرا باوند وتي إس إليوت وسكوت فيتجرلند، وغيرتيتيود شنتاين وجمس جويس وفورد ماكدوس، وفوريد دوندهام ولويس وغيرهم. "5"

5 ـ دراسة القاسمي النظريات الحديثة في الترجمة والدراسات المعجمية، إذ تطورت نظريته لعملية الترجمة، وهي القناعة التي دفعته إلى ترجمة "الوليمة المتنقلة " قبل "الشيخ والبحر".

فحينما شرع الدكتور علي القاسمي في إعادة ترجمة رائعة همنغواي "الشيخ والبحر" تعمّد عدم الاطلاع على الترجمات السالفة حتى لا يتأثر بها، فأنجز ترجمته الشخصية للقصة انطلاقا من قدراته الخاصة وخبرته في الترجمة التي راكمها من قبل. وقد كان هدفه من ترجمة عمل همنغواي هو المحافظة على أسلوبه السهل الممتنع، وصيانة تقنياته السردية والاقتصاد في اللغة"6".

إن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه بالعودة إلى الترجمات السالفة، والاعتماد عليها لإعادة ترجمة النص، لأن هذه العودة كان من شأنها أن تؤثر في أسلوب المترجم.

وقد بيَّن الدكتور القاسمي في الدراسة التي ذَيَّل بها النص المترجم مجموعة المؤاخذات والأخطاء التي وقعت فيها الترجمات السابقة، الشيء الذي يتم عن ذلك الإحساس الذي راود القاسمي قبل الشروع في الترجمة، كما أوضح القاسمي أن مجمل الأخطاء التي وقعت فيها الترجمات السالفة راجعة بالخصوص إلى عدم الاطلاع الجيد على أسلوب همنغواي في الكتابة وعلى أدبه والدراسات النقدية التي أنجزت حوله؛ فهو لا يشك أبدا في المستوى اللغوي العالي للمترجمين السابقين.

ولهذا نجده يعتمد في ترجمته الجديدة لرواية "الشيخ والبحر" على تتبع أسلوب همنغواي البسيط، دون البحث عن المصطلحات الصحيحة في اللغة العربية لإغراق النص المترجم بها، كما تفادى أسلوب تحسين اللغة وذلك حتى لا يخل بأسلوب همنغواي، لأن أسلوبه لا يهدف إلى إثارة عاطفة القارئ، فأسلوب هنمنغواي في قصصه ورواياته مثل "الوليمة المتنقلة" يعتمد غالبا على وصف الأحداث والأفعال والشخصيات بصورة شفافة ومحايدة، وهذا ما تجلى في كتاباته الصحفية حينما كان مراسلا في باريس لبعض الصحف الأمريكية.

والقارئ لترجمات علي القاسمي لأعمال ارنست همنجواي يلمس هذه الأمانة العلمية في الترجمة التي تحافظ على أسلوب همنغواي الموضوعي، وهو الأسلوب الذي عبر عنه رولان بارت بدرجة الصفر في الكتابة "7".

إن المحافظة على أسلوب صاحب النص وتقنياته، تجعل المترجم يصل إلى درجة عالية من الأمانة العلمية في الترجمة، يقول القاسمي في شأن هذه العلاقة: "وأمانة المترجم ليست مرهونة بنقل المضامين فقط، بل بنقل الأساليب أيضاً.

فحاصل المعنى يأتي مما قيل في النص ومن الكيفية التي قيل فيها. ولهذا نجد بعض الأعمال الأدبية الكبرى قد ترجمت عدة مرات إلى اللغة الواحدة. وهذه الترجمات المتعددة لبعض الأعمال الأدبية العالمية تتباين من حيث أمانتها وجودتها النوعية." "8"

ولتحقيق هذا الهدف في ترجمته لرواية "الشيخ والبحر" التي سبق أن ترجمت من قبل، ولكي يلعب القاسمي دور ذلك الوسيط بين اللغة العربية وثقافتها واللغة الإنجليزية وثقافتها، حرص بشكل جيد على تتبع سلسلة من التقنيات، جعلت ترجمته تختلف عن الترجمات السابقة، من أهم التقنيات التي اعتمدها القاسمي في هذا العمل نذكر:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015