ملتقي اهل اللغه (صفحة 11604)

بينها تمازجاً دفع الرّتابة عن الأسلوب، وحقّق انسجاماً مع ما تقضيه السليقة السليمة، ووفر للخطيب اتساقاً مع الطبع الصحيح.

وتناول الباحث الجزائري الأستاذ محمد سيف الإسلام بوفلاقة من عنابة، موضوع: «الأدب المقارن والعولمة-تحديات وآفاق-»،فتعرض في بحثه، لمختلف التحديات التي تواجه الأدب المقارن في ظل العولمة، التي تسعى إلى إدراج العالم في خانة واحدة،إذ أنها تهجم هجماتها الشرسة على الساحة الثقافية، والفكرية، وتحاول طمس الخصوصيات الثقافية، ومحو التراث الحضاري، والسمات الذاتية الخاصة، التي يتميز بها أدب وفن كل حضارة من الحضارات، وتحاول أن تدجنها في إطار واحد، وتدرجها في زاوية محددة، متصدية بذلك لجماليات التنوع والاختلاف الثقافي بين شعوب وأمم المعمورة، كما سلط الضوء على الآفاق،فقدم مجموعة من الاحتمالات التي يمكن أن تحدث تحولات في عمل المقارنين في ظل العولمة، وقد أشار الباحث في البدء إلى أن هناك شبه إدانة تلقي بظلالها على نطاق واسع في أوساط المقارنين، نظراً للمرحلة الصعبة التي يمر بها الأدب المقارن، وهو ما حذا بالكثير من المهتمين أن يتساءلوا عن جدوى وآفاق ومستقبل الأدب المقارن في ظل العولمة، كما أشار إلى أن هناك مخاوف جمة تساور المقارنين في مختلف أنحاء العالم، من أن يتحول الأدب المقارن إلى نقد ثقافي مقارن، وقدم سيف الإسلام بوفلاقة في البدء مفاهيم عامة ولمحات متنوعة عن الأدب المقارن والعولمة، فمن خلال العنصر الأول والموسوم ب: «الأدب المقارن: مفاهيم ورؤى»،أشار إلى أن مفاهيم الأدب المقارن قد تعددت، وتنوعت، بتنوع وتعدد المدارس من قطر إلى آخر، وقدم في البدء مفهوم المدرسة الفرنسية والتي ظهر بها هذا العلم لأول مرة، سنة:1827م، والتي يرى أصحابها أن الأدب المقارن هو العلم الذي «يبحث ويقارن بين العلاقات المتشابهة بين الآداب المختلفة في لغات مختلفة، أي أن مجاله أدبي بحت، ولا يحاول الربط بين الأدب وبين الفنون والعلوم الإنسانية التطبيقية الأخرى». وعرج على تعريف المدرسة الأمريكية التي ترى بأنه: «البحث والمقارنة بين العلاقات المتشابهة بين الآداب المختلفة بعضها والبعض الآخر، وبين الآداب وبقية أنماط الفكر البشري من فنون وعلوم، إذ يعتبرون التفكير البشري كلاً متكاملاً ومتداخلاً، ولا يمكن فصل الإنتاج الأدبي عن غيره من أنماط الإنتاج الفكري الأخرى من علوم وفنون، وعلى هذا فهم يعقدون مقارنات بين الاتجاهات الأدبية والاتجاهات الفنية، وبخاصة الموسيقى والغناء على سبيل المثال».كما تطرق لمفهوم المدرسة السلافية، ووصف جيرمونسكي للأدب المقارن، وسلط الأضواء على مختلف الفروقات والاختلافات التي ظهرت بين مختلف المدارس. ومن خلال العنصر الثاني والمعنون ب: «العولمة وأبعادها» أشار الباحث إلى أن الحديث عن العولمة سيظل يزداد، ويتعدد، ويتنوع، ويتعمق يوماً بعد يوم، وكأن لا حدود له، ولا نهايات،فقد ملأت العولمة الدنيا، وشغلت الناس خلال العقد الأخير من القرن العشرين،وأُثيرت جملة من الإشكالات والأسئلة، عن مفاهيمها، وآثارها، وانعكاساتها الإيجابية والسلبية، وهذا ما أدى إلى تعدد الرؤى والأفكار،وتباينها، وحتى تصادمها، وقدم تعريفاً للعولمة بقوله: «العولمة هو ذلك الاصطلاح الذي هب على العالم إثر انتهاء الحرب الباردة واختفاء الاتحاد السوفييتي، ومعه معظم دول الكتلة الشرقية»،وأشار إلى أن العولمة تتبدى كما لو أنها هي الوريث للحرب الباردة والصراع الأيديولوجي بين الغرب والشرق، وكأنما أسباب التطور التلقائي وتوسيع الأسواق قد ولدت فجأة في نهاية الثمانينيات، وهناك اتجاه للنظر إلى العولمة كما لو كانت ظاهرة اقتصادية متعلقة بعولمة الأسواق، وهي نظرة جزئية ذلك أن العولمة تجاوز مفهوم الاقتصاد،وقد لاقت العولمة اهتماماً بالغاً من قبل الفكر العالمي، حيث إنها أسالت حبراً كثيراً، وأُلفت من أجلها الأسفار الجمة، والمجلدات الضخمة، ولا تزال إلى يومنا هذا تُقدم حولها الأبحاث والدراسات والمناقشات، وتعقد من أجلها المؤتمرات والملتقيات، والندوات، وتطرح بشأنها الأفكار والرؤى».ويرى الباحث بأن أجمع شرح للعولمة وأعمق تفسير لدلالاتها ومضامينها، لا يخرجان عن اعتبار العولمة-في دلالتها اللغوية- هي جعل الشيء عالمياً، بما يعني ذلك من جعل العالم كلِّه وكأنه في منظومة

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015