بغاية، وترتب الجزاء من الله –عز وجل-أو امتناعه منوطاً بحال، وقدم الباحث عدة نماذج لاستخراج السنن واستنباطها على وجه الإجمال، وفي هذه الحالة أشار الباحث إلى أنها تستخرج من القصص القرآني، فقدم عدة أمثلة من قصص وردت في القرآن الكريم من بينها قصة قبيلة (سبأ) التي أنشأت حضارة قوية في اليمن، كما قدم الباحث العديد من الأمثلة التي استخرجها من الأمثال القرآنية، ومن الآيات التي ورد فيها ربط النتائج بالمقدمات، وقد أشار في الأخير إلى أن ما خفي من سنن الله أعظم، وأبعاد سنن الله المطردة لا متناهية، وقد ختم الباحث مقاله بقول الدكتور محمد رشاد خليل: «وسنن الله كثيرة لا تقع تحت حصر، منها ما نعرفه ومنها ما نجهله وقد نعرفه بعد البحث، ومنها ما لا يحيط بعلمه إلا الله (...) ذلك أن السنن ليس ما نعرفه فقط، وإنما ما لا نعرفه أيضاً، وما لا نعرفه أكثر كثيراً مما نعرفه».
وأما الباحث الأستاذ الدكتور عبد الرزاق عبد الرحمن السعدي، من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، فنقرأ له مقالاً موسوماً ب: «ضوابط اللغة العربية في مكونات المجتهد»،رأى من خلاله أن الأصوليين والفقهاء ممن قرروا شرط الاجتهاد والإفتاء لم يختلفوا في أن اللغة العربية ضرورة تشكل واحداً من مكونات المجتهد ولوازم المفتي، بيد أن آراءهم اختلفت وتباينت بشأن المستوى المطلوب الذي ينبغي أن يصل إليه المجتهد ويتصف به المفتي من اللغة العربية، فتساءل الباحث: هل يكفي أن يعلم مبادئ العربية دون تبحر فيها؟ أم أنه لا يكون أهلاً للاجتهاد والإفتاء إلا من خلال الإبحار في لجج اللغة والغوص في أعماقها؟ ثم أيٌّ من الفنون العربية المتنوعة ينبغي أن يتمكن منها المجتهد ويتعرف عليها المفتي؟ فهناك نحوٌ وصرفٌ ولغةٌ وأدبٌ وبلاغةٌ، وغيرها من العلوم العربية، فأيٌ منها يطالب باستيعابها حتى يصح اجتهاده وتقبل فتواه؟
وقد سعى الباحث من خلال هذا المقال إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، فتعرض لمجموعة من العناصر، نذكر منها: تعريف المجتهد، وشروط المجتهد، وضابط مستوى العربية في المجتهد، وقد عرض في هذا العنصر لخمسة آراء أدلى بها العلماء، فهناك من رأى بأنه لا تحديد للمستوى، وهناك من رأى بتحديد المستوى بحد الكفاية لفهم النصوص، والبعض الآخر رأى ضرورة تحديد المستوى بحد الاجتهاد في اللغة والتبحر فيها، وأكد بعض العلماء على تحديد المستوى بفهم اللغة العربية فهماً صحيحاً، في حين رأى أصحاب الرأي الخامس تحديد المستوى بالوسط، وهذا ما أشار إليه ابن السبكي في جمع الجوامع، وقد توصل الباحث في ختام بحثه لمجموعة من النتائج الهامة، من أبرزها: أن آراء العلماء قد تعددت في عدد العلوم العربية التي ينبغي على المجتهد معرفتها، فأكثرهم ركز على النحو والصرف واللغة والبلاغة، وذهب بعضهم إلى إضافة علم المنطق لوجود مباحث في أصول الفقه تتعلق بهذه العلوم. كما اتضح للباحث أن مباحث أصول الفقه اللغوية التي يمارسها المجتهد في اجتهاده مباحث تتعلق بالنحو والصرف والبلاغة واللغة والمنطق، ولا تتعلق بعلوم العربية الأخرى، كالعروض وتاريخ الأدب وغيرهما، لذا لزم معرفة هذه العلوم التي هي آلة لاجتهاده. وقدم الباحث في ختام بحثه مجموعة من التوصيات والمقترحات، من أهمها: أنه لابد من تعميق الدراسات اللغوية بأنواعها في أقسام الكتاب والسنة وأقسام الفقه وأصول الفقه وإعداد منهج مناسب في علم النحو والصرف واللغة والبلاغة، لتدريسه لطلبة تلك الأقسام، كما أشار إلى ضرورة تدريس المنطق العربي الإسلامي لطلاب أقسام اللغة العربية، والكتاب والسنة، والفقه وأصوله. ولابد من استحداث مادة لطلاب الدراسات العليا خاصة بشروط المجتهد ومواصفاته بالتركيز على علوم اللغة العربية.
¥