ملتقي اهل اللغه (صفحة 11195)

- (2/ 364): " ينفُر عن الأذى ". بضم الفاء , في موضعين. والصواب بكسرها.

- (2/ 369): " يشُذ عن الإحصاء ". بضم الشين , والصواب بكسرها.

ومما تتايع فيه المحققان على غير هدى: ضبط الأسماء الأعجمية لفلاسفة وأطباء اليونان وغيرهم كيفما اتفق!! وداء الاستهانة داءٌ وبيل.

رابعًا: التعليقات.

غلبت على تعليقات الحلبي العبارات الإنشائية التي لا طائل من ورائها ولا نفاق لها في سوق العلم , يكتبها من رأس القلم , لا أثر فيها للتحقيق العلمي والبحث الجاد , وليته جعلها خالصة للعلم ونأى بها عن الخصومات الفكرية المعاصرة التي أقحمها فيها إقحامًا وجعل يستدل عليها بكلام ابن القيم ويضرب لها الأمثال , وخفف من الإحالة على ما طبع من كتبه وتحقيقاته وما لم يطبع.

ومن تلك التعليقات في الجزء الأول (1/ 108 , 124 , 203 , 217 , 237 , 244 , 265 , 271 , 292 , 300 , 339 , 383 , 415 , 418 , 423 , 426 , 428 , 442 , 443 , 444 , 448 , 453 , 454 , 456 , 457 , 483 , 486 , 489 , 491 , 512 , 531).

ومن تعليقاته الفجة في تعقب ابن القيم: 1/ 358 (1) ,400 (2) , 468 (3).

ورأيته في مواضع لا يحسن فهم كلام ابن القيم رحمه الله , فيذهب في تعقبه على غير هدى.

ومن ذلك: في (1/ 303) , المصنف يذكر أن العلم هو الدليل على الإخلاص بمعنى المرشد , ففهمه الحلبي على أنه العلامة والأمارة , فذهب يتعقب المصنف!

وانظر مثلاً آخر في (1/ 237) الحاشية الثانية.

ويشرح غريب الألفاظ في أحيان كثيرة من رأس قلمه , دون مراجعة لدواوين اللغة والأدب وما يتصل بها , فيصيب حينًا ويخطئ حينًا , وربما راجعها فلم يحسن الأخذ منها , ومن طريف ما وقع له:

- (1/ 361): قال ابن القيم: " أذل من وتد بقاع يُشَجُّ رأسه بالفهرواجي ". فعلق الحلبي على الفهرواجي بقوله: لعله أداة حجرية تدق بها بعض الأشياء!!.

واغتر به عامر ياسين فسار على أثره , وفسرها بقوله (1/ 304): الفهرواجي: منحوتة من كلمتين: الفهر وهو الحجر , والواجئ وهو الذي يدق. فالفهرواجي: المدقة الحجرية التي كانت تستعمل لهرس الثوم واللحم ونحوه!!.

قلت: صواب العبارة: يُشَجِّجُ رأسَه بالفهر واجي , وهو مثلٌ سائر , وأصلُه بيتٌ لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، من كلمةٍ يهجو فيها عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص، ويُشَجِّج: مبالغةٌ من يَشُجُّ. والفِهْر: الحجرُ ملء الكفِّ. و «واجي» فاعل , وأصلُها «واجىء»، اسمُ فاعلٍ من وَجَأ، خفَّف الهمزَ اضطرارًا. فليست كلمة واحدة منحوتة ولا أداة لهرس اللحم!

- (2/ 228): قال ابن القيم: " واضطربَ عليهم الكلامُ في حكمته ?ضطرابَ الأرشية ". ففسر الحلبي الأرشية في الحاشية بقوله: في " القاموس " (ص 753): " بينهما أرش؛ أي: اختلاف وخصومة ".

وتابعه عامر ياسين , وضبطها بتشديد الياء , وقال في الحاشية (2/ 215): اضطراب الأرشيّة: اختلاف الخصوم المتنازعين.

قلت: وإنما هي " الأرشية " بتخفيف الياء , جمعُ رِشاء، وهو حبل الدَّلو. واضطرابها في البئر. وهو تشبيهٌ مشهور , ورد في كلامٍ ينسبُ لعلي رضي الله عنه، واستعمله الشعراء والكتَّاب. انظر: «شرح نهج البلاغة» (1/ 213)، و «شرح ديوان الحماسة» للمرزوقي (656).

- (3/ 116): قال ابن القيم: " وشعورهم سبطة شقراء وأبدانهم رخصة ". فعلق الحلبي على كلمة " رخصة " بقوله: بليدة!!

قلت: أحسبه فتح القاموس فوجد من معاني " الرخيص ": البليد , فتلقفه وألقاه دون أن ينظر في سياق الكلام! , وإنما المراد وصف الأبدان هاهنا بأنها ناعمة , والوصف به كثير في كلامهم.

- (1/ 426): قال ابن القيم: " رموه بالتلبيس والتدليس والزوكرة والرياء ". فعلق الحلبي على الزوكرة بقوله: هي مصدر " زَكَر " " يَزكُرُ " , وهو عمل يقوم به المشعوذون لزجر الحيات حتى تستسلم , ثم كأن اللفظ أصلاً صار عنوانًا للغشاشين والخداعين!!.

قلت: ما عملك هذا من عمل الغشاشين الخداعين الخنفشاريين ببعيد! , فلم يقنع بأن فسَّر اللفظ من كيسه حتى جعل له فعلاً ماضيًا ومضارعًا من باب " نصر " إمعانًا في العبث!! وهذا عنوانٌ على الاستهانة بالعلم والاستخفاف بحرمته.

والزوكرة لفظة محدثة , قال المقَّري في «نفح الطيب» (6/ 12): «الزواكرة [جمعُ زوكر]: لفظٌ يستعمله المغاربة، ومعناه عندهم المتلبِّسُ الذي يُظْهِرُ النُّسك والعبادة، ويُبْطِنُ الفسق والفساد». والفعل عندهم: تزوكر. انظر: «طريق الهجرتين» (889)، و «السير» (14/ 314 , 21/ 193)، و «إنباء الغمر» (1/ 37 , 3/ 359)، و «الطالع السعيد» (583) , و «أعيان العصر» (4/ 598) , و «الضوء اللامع» (6/ 291).

ومن تفاريق العثرات كتابة الأبيات منثورة , وهو من الجهل كما يقول ابن بدران في المدخل.

فمن ذلك:

- (1/ 379): وجلهم إذا فكرت فيهم * حمير أو كلاب أو ذئاب

- (1/ 462): أحلام نوم أو كظل زائل

ومن أنصاف الأبيات مواضع كثيرة.

وبعد , فحسبي هذا , فقد أطلت , وما كنت أقدِّر أن ستطول هذه القراءة النقدية , وإنما هي أمثلة ونماذج لما وراءها , ولو ذهبت أستقصيها لاستقلت كتابًا برأسه. وأستغفر الله لما أسلفت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت , وأسأله العفو , هو أهل التقوى وأهل المغفرة. "

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015