وقد بدا لى أن أجمع قدراً يسيراً من هذه الأوجه الخاطئة أو الضعيفة، وأبين وجه الصواب فيها، أو ما هو الأرجح والأولى منها.
وأود أن أنبه إلى أنني أعرضت عما جاء من ذلك في أخبار الحمقى والمغفلين، وما أثر عن الخطباء والوعاظ والقصاص، مما ذكره ابن الجوزي وغيره، ثم مما كان يحفل به الجاحظ، من ذكر غفلات المعلمين والقراء والمفسرين، فإن ذلك باب واسع، ولا تؤمن فيه بواعث الوضع أو التشنيع أو المفاكهة واستخراج الضحك.
وأود أيضاً أن أنبه إلى أن هذه النماذج من تفسير العوام، إنما هى من بابين:
الباب الأول: ما وقع من بعض الأقدمين واستمر فهمه والعمل به إلى يوم الناس هذا. والباب الثاني: ما رصدته أنا وتتبعته من فهم بعض المعاصرين وتفسيراتهم، وسأرتب ذلك على الآيات بحسب ترتيب السور في المصحف الشريف.
وقبل ذلك أحب أن أشير إلى أن بعض خطباء الجمعة في زمننا، وكذلك بعض المتحدثين في إذاعة القرآن الكريم، يتساهلون كثيراً ويجترئون على تفسير كلام الله عز وجل، بما تمليه عليهم النظرة العجلى، وكثيراً ما ينساقون وراء خداع الألفاظ، وتوجيه المعاني وفق ما هو متعارف بين الناس الآن من الدلالات الخاطئة.
وأمثلة ذلك كثيرة أكتفي منها الآن بمثال واحد موثق باليوم والساعة: في صباح يوم السبت 20 من نوفمبر 1998 استمعت في إذاعة القرآن الكريم إلى أحد الدكاترة -وهو رجل فاضل أعرفه- يفسر قوله تعالى: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا تزهق أنفسهم وهم كافرون} [التوبة: 55]، قال الأستاذ الدكتور: "الزهق في الآية معناه الضجر والسأم والملل"، ثم رأى أن معنى الآية: أنهم إذا كثرت أموالهم وأولادهم انتهوا إلى حالة من الملل والسآمة، وذكر أن ذلك يرجع إلى نظرية قال بها أحد الأساتذة الأمريكيين، وهب نظرية "الاستهلاك الكبير"التي تدفع الناس بعد الشبع والامتلاء (أو الامتلاك -الشك مني أنا ومن