والموسيقى. وكان من ألصق الناس به: يحيى حقي ومحمود وحسن إسماعيل، وكان أثره فيهما واضحا جدّاً، وذكراه في أكثر من موضع، فيقول يحيى حقي في سيرته الذات! ة: "وأثناء عملي بديوان وزارة الخارجية كانت الكتابة بالنسبة لي خاطراً غير تام الأدوات، ولكن عندما توثقت صلتي بالمحقق البحاثة الأستاذ محمود شاكر، وقرأت عليه عدداً من أمهات كتب الأدب العربي القديم ودواوين الشعر، انفتح الطريق أمامى، ومنذ ذلك الحين وأنا شديد الاهتمام باللغة العربية وأسرارها وبيانها وسحرها".
أما محمود حسن إسماعيل فقد طالت صحبته وملازمته لمحمود شاكر، وما فتئ يذكر فضله عليه وأثره فيه - ولا يخفى ما كان في محمود حسن إسماعيل من بَأْوٍ وعُجب - وعندما سئل عن أثر محمود شاكر فيه قال: " لا استطيع تحديد أبعاد ما حُزْتُه من صداقتي لمحمود، لقد زَجَّ بي إلى الشعر الجاهلي، وأمالني مع الشعر الأموي، وطوَّح بي مع الشعر العباسي، فأحاطني بلُحْمة الشعر العربي وسُداه جميعاً ... وأستطيع القول إن شعري قبل معرفتي بمحمود كان نبعاً هادئاً فجعله بحراً متلاطماً".
هذا وقد كان من محبي محمود شاكر والعارفين قدره: عبد المنعم تليمة وجابر عصفور، وقد شكر صديقه عبد المنعم تليمة في مقدمة تحقيق أسرار البلاغة، وهو الذي حبب إليّ جابر عصفور، وكان يقول في محضر جلسائه: "الولد جابر ده كويس". وفي سرادق عزائه، جلس عبد المنعم تليمة بجوار محمد عمارة، وهكذا كان محمود شاكر يجمع كل الأقطاب، ويفتح كل النوافذ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
رحمك الله يا أبا فهر ونوَّر قبرك، وجعل كل ما قدمته لأمتك، ولتاريخها وللغتها في موازينك يوم تجد كل نفس ما عملت من خير مُحضراً، وقطع عنك ألسنة المكذّبين وادعاءات المبطلين، وما أحراك أن تُنشد هؤلاء وهؤلاء قول الشريف الرضي: