كان مجدي وهبه يدعوه كثيراً إلى "عزبته" لشيء من الراحة والاستجمام. وقد كتب عن كتاب محمود شاكر "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" مقالة جيدة بالإِنجليزية، ترجمها صديقنا المرحوم زهير علي شاكر ابن أخي الشيخ، باسم: "غضب مرتقب".
ومن وراء ذلك فقد حدثني محمود شاكر أن صديقه القديم توفيق دُوس باشا هو الذي عرَّفه بأم كلثوم.
ومن طريف صلة شيخنا بالأصدقاء المسيحيين: ما حدثني به هو -برَّد الله مضجعه - قال: كانت لنا جارة مسيحية فاضلة جداً، وكان من عادتها أنها تزور السيد البدوي بطنطا، فكنت إذا ذكرت لها أنَّ السيِّد البدوي هذا خرافة تغضب جداً، وتثور ثورة شديدة.
وشيء آخر: كان من حضور موائد محمود شاكر، وبخاصة إفطار يوم عيد الأضحى، على خروف العيد: الأستاذ أنور، وهو مسيحي فاضل جداً، مدرس بمدرسة الطبري، وكان الشيخ يحبه كثيراً.
فأي عصبية دينية؟ اتقوا الله يا قوم، وارْبَعوا على أنفسكم، ولا تعزفوا على هذه النغمة النشاز - نغمة الإِسلام والمسيحية - فإنها نغمة غليظة تؤذي السمع وتصُكّه صكّا، ثم هي بعد ذلك "حجةٌ لاجئ إليها اللئام". كما قال المتنبي.
ثم إنه من البلاهة والغباء والحمق أن يظن ظان أن محمود شاكر ومن حوله قوم من الدراويش قد لبسوا الخِرَق والمرقَّعات، وقد طالت لِحاهم، وطوِّقت المسابح الضخمة أعناقهم، وتناثر الزَّبَد على أشداقهم، وقد داروا في حلقة ذكر حول الكتب الصفراء، يتعبدون بأصحابها ويحرقون لها البخور، وقد صمُّوا آذانهم وأغمضوا أعينهم عن كل ما يدور في عصرهم!
هل تعلمون يا قوم من كان يحضر مجلس محمود شاكر بصفة دائمة؟ ثم من كان يحبه ويجلُى: يحيى حقي ومحمود حسن إسماعيل وعلي أدهم وعبد الرحمن صدقي، ومن لا يحصى من الأدباء والشعراء المعاصرين، مثل صلاح عبد الصبور، وعبد الوهاب البياتي ومحمد الفيتوري ورجاء النقاش، ويوسف شوقي أستاذ العلوم