ولأن الدكتور لويس عوض مسيحي، فقد بدا لبعض الناس - ومنهم الأستاذ نسيم مجلى - أن يضعوا الفضية في إطار التصادم الإِسلامي المسيحي، ثم تصوير لويس عوض بأنه الديمقراطي الحر المعتدى عليه، وأن محمود شاكر مثال صارخ للتراثي المتخلف المتعصب لحد النخاع، وأنه انتهز فرصة لويس عوض ليوجه ضربة قاصمة لتيار الحداثة في الأدب والفن والفكر، وهو التيار المرتبط بالمفاهيم العقلانية والثقافة الغربية العصرية، لصالح التيار السلفي التقليدي أو الأصولي - هكذا قال صديقنا نسيم مجلى في كتابه: صدام الأصالة والمعاصرة ص 10، وكان قد قال من قبل في ص 8: "إن شاكر يفسّر الثقافة والتاريخ من خلال منظور ضيق جدّا، هو المنظور الديني فقط، بحيث ينعكس على رؤيته لكل إبداعاتنا الأدبية والنقدية الحديثة".
وكنت قد نقلت من قبل كلمة الأستاذ سمير غريب، أن ما قاله محمود شاكر في الفن الفرعوني "يمكن أن يستند إليه المتطرفون دينيّاً". وهذا كله باطل من القول يأخذ بعضه برقاب بعض، فمحمود شاكر لم يكن يوما متطرفاً، ولا محارباً للعقل، وإنما هو رجل مؤمن بتاريخ أمته، وفيٌّ لثقافتها، مدرك لعبقريتها، يسوؤه ما تردّت فيه من أسباب الضعف والتفكك، وفي سبيل دفاعه عن تاريخ أمته وعلومها ومعارفها خاض معارك كثيرة، وقد خاضها وحده غير متحيز إلى فئة ولا منتصر بجماعة، ولم يكن من بين من حاربهم إلاَّ مسيحيٌٌّ واحد، هو لويس عوض، ومن وراء لويس عوض كان من الذين صارعهم محمود شاكر واشتد في حربهم: طه حسين وعبد العزيز فهمي وسيد قطب، بل إن موقفه العنيف من الشيخ حسن البنا وجماعة الإِخوان المسلمين معروف مذكور، وكان عنيفاً جداً مع حسن البنا وجماعته، وهو ما كان يأخذه عليه كثير من المسلمين، وما أريد أن استطرد في هذه القضية فلها مكان آخر، غير أني أريد أن أنبه الأستاذ نسيم مجلى ومن يَلُفُّ لَفَّه إلى نقطة يبدو أنها غائبة تماماً عن نسيم مجلى؛ لأنه حديث عهد بمعرفة محمود شاكر، فأقول:
يا أستاذ نسيم: إن صلة محمود شاكر بالأدباء والمفكرين المسيحيين قديمة