على رأيهم في تجريد المصحف من النقط والشكل، منهم الحسن البصري، وابن سيرين، وكان هؤلاء يتمسكون بما روي عن عبد الله بن مسعود: "جرِّدوا القرآن ولا تخلطوه بشيء".

سادساً: ونأتي إلى جوهر القضية، وهو ما يقال من أن خلو المصحف من النقط والشكل كان هو السبب في اختلاف القراءات، لأن كل قارئ كان يقرأ رسم الكلمة وفق ما يؤديه إليه اجتهاده أو سليقته اللغوية، وما يظهر له من معنى الآية.

دلائل لغوية:

والذين ردُّوا هذا الرأي دفعوه بأكثر من حجة ودليل، وسأكتفي هنا بدليلين، ومن أراد الزيادة فعليه بما كتبه المشايخ: الزرقاني وشلبي والقاضي، في كتبهم التي أشرت إليها:

الدليل الأول: أن اختلاف القرَّاء إنما حدث في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما تلاه عليهم وسمعوه منه مشافهة، ولم يأت هذا الخلاف نتيجة النظر في المصحف المكتوب المقروء، ودليل ذلك حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم، الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من المحدثين والمفسرين. وهذا هو نص الحديث كما جاء في رواية البخاري "باب أنزل القرآن على سبعة أحرف. من كتاب فضائل القرآن":

قال عمر بن الخطاب: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبَّرت حتى سلَّم، فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسله. اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015