وأدواته، فكتبت عنه كلمة ضافية سمَّيتها: (الشيخ الشعراوي واللغة) في "هلال" فبراير من عام 1994 م، ولم أكتف بهذا الذي صنعت منذ أربع سنوات، بل ظللت على حفاوتي بالشيخ وتتبعي له، وتقييد بعض الملاحظات على ما يقوله رحمه الله، وكان ملخص ما قلته يومئذ في حق الشيخ:
إنه شيخ جليل جاء على حين فترة من العلماء الحافظين الضابطين. وهو يمثل صورة زاهية للعالم الأزهري المؤسس على علوم العربية وقوانينها، من حفظ المتون وإتقان التعريفات والصبر على المطولات، والنظر في الحواشي والتعليقات والتقريرات، مع عناية فائقة باللغة، في مستوياتها الأربعة: أصواتاً وصرفاً ونحواً ودلالة، واستظهار معجب للشعر العربي في عصوره المختلفة، ومع تعلق شديد بالقرآن وعلومه، إلى ملكات ومواهب أخرى يعرفها المتابعون للشيخ.
فهذه هي الموازين الصحيحة لتقييم الشيخ والحكم عليه، أما ما أفاض فيه المحبون والمريدون من النظر إلى الشيخ نظرة نبوية، تتجلى في ردهم كل شيء عند الرجل إلى الإِلهام والفيوض الربانية، والنفحات والتجليات، والعلم اللدني، فهذه كلها "دروشة" في تقييم الرجال والحكم عليهم. وإنما الصواب أن يقال: إنه رجل مثقف مؤسس واسع الاطلاع، غزير الرواية، وافر الحفظ، سريع اللمح، ذكي اللسان.
فبذل الجهد في تحصيل العلم وإخلاء النفس له هو باب التوفيق والفيوض الربانية، ولذلك يقول تاج الدين السبكي: "وهكذا رأينا من لزم باباً من باب الخير فتح عليه غالباً منه"، طبقات الشافعية 1/ 65، فهذا أول ما ندفعه عن الشيخ من مبالغات الناس فيه.
ومن مبالغاتهم أيضاً قولهم: إنه أتى في تفسير القرآن بما لم يأت به الأوائل، وهذا قول منكر مردود، لأنه قول من لا يعرف تاريخ أمته، وتاريخ علمائها، وأئمة التفسير فيها، ثم هو كلام يرسل إرسالاً، ولا يملك صاحبه عليه دليلاً إلا الهوى الجامح، على ما قال أنس بن أبي أنيس: