ولك في نطقها وجهان: تترى، بغير تنوين وتترأ، بالتنوين، فمن لم ينون يعتبر الألف ألف تأنيث، مثل سكرى وغضبى، ومن ينون يعتبر الألف ألف إلحاق، أي أن الكلمة ملحقة باسم آخر منون - وهو جعفر - لاتفاقهما في نظم الحركات والسكنات، وتفصيل ذلك في كتب الصرف، وعلى ذلك تقول: جاء القوم تترى، بغير تنوين، وتتراً بالتنوين، والمعنى: جاءوا متتابعين، وتنوين الكلمة دليل على أسميتها؛ لأن التنوين من خصائص الأسماء، والأفعال لا تنوَّن.
وبعبارة أخرى: من نوَّنه جعله مصدراً، وزنه "فَعْلا" مثل ضرباً ونصراً، ومن لم ينونه جعله مصدراً أيضاً، لحقته ألف التأنيث المقصورة، فهو مصدر على وزن فعلى، مثل دعوى، من دعا، وذكرى، من ذكر. انظر هذا المبحث في: الكتاب لسيبويه 3/ 211، والمقتضب للمبرد 3/ 338، 385، وسر صناعة الإِعراب لابن جني ص 146، وشرح شافية ابن الحاجب للرضي الإِستراباذي 1/ 195، 3/ 81، 220، ولسان العرب، مادة (وتر).
والصرفيون واللغويون يستشهدون على ذلك بقوله تعالى: {ثم أرسلنا رسلنا تترا} [المؤمنون: 44]، قرأ ابن كثير وأبو عمرو (تتراً) بالتنوين، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي (تترى) بغير تنوين. انظر: كتاب السبعة لابن مجاهد ص 446.
وإعرابه على النصب من وجهين: الأول: أنه حال من (رسلنا) أي أرسلنا رسلنا متواترين، أي واحداً بعد واحد، أو متتابعين، والثاني: أنه نعت لمصدر محذوف، أي أرسلنا رسلاً إرسالاً متتابعاً، أو إرسالاً بعد إرسال. انظر: التبيان في إعراب القرآن للعكبري ص 955، والدر المصون في علوم الكتاب المكنون، للسمين الحلبي 8/ 344.
وإذا ثبت أن "تترى" من التواتر والمواترة، وهو التتابع، فهل المواترة والتتابع واحد، أم أن بينهما فرقاً؟ يرى كثير من اللغويين أن التواتر غير التتابع، وإن تقاربا في المعنى، وممن ذهب إلى هذا الحريري، يقول: "العرب تقول: جاءت الخيل