دراسة في مصادر الأدب [2] (?)
للدكتور الطاهر أحمد مكي
فرغت في المقال السابق من عرض هذا الكتاب الجليل وبيان فضله وجدواه على ناشئة هذا الجيل. واليوم أستجيب لرجاء المؤلف الفاضل في قبول أي ملاحظة تعين على تقويم عمله هذا، وتصلح ما قد يكون قد داخله من نقص أو خطأ، فأقول وبالله الاستعانة:
أول ما يجب مناقشته من قضايا الكتاب ما ذكره المؤلف الفاضل في ص 43 عن تاريخ النَّقْط في الحروف العربية، قال: "وأول محاولة للنقط كان دافعها وهدفها، كبقية العلوم الأخرى: الحفاظ على دقَّة ضبط القرآن الكريم، وكان الناس يقرأون في مصاحف عثمان رحمه الله وهي غير منقوطة ولا معجمة فيخطئون القراءة، فكلمة (سلو) قرأها حفص بن سليمان بن المغيرة (نبلو) وقرأها عبد الله بن مسعود (تتلو)، وكلمة (سسا) قرأها حفص (تثبيتا) وقرأها مجاهد بن جبر (تبيينا). والآية (جعل السفيه "السقاية" في رحل أخيه) قرأها رجل: (جعل السفينة في رجل أخيه) وأمثلة أخرى كثيرة، وقف عليها حمزة الأصفهاني مؤلفًا كاملاً هو "التنبيه على حدوث التصحيف".
ومؤدى هذا الكلام أن الاختلاف في القراءات القرآنية راجع إلى تجرد المصاحف من نقط الحروف، وأن ذلك جعل كل إنسان يقرأ بما يؤديه إليه اجتهاده.