بعض الحروب لجنده: "أكلتم تمري وعصيتم أمري، سلاحكم رث، وحديثكم غث، عيال في الجدب، أعداء في الخصب".
ويتحدث المؤلف الفاضل عن مكتبة الصاحب بن عباد، فيذكر أن ما فيها من الكتب يحمل على أربعمائة جمل أو أكثر، وأن فهرس كتبه يقع في عشرة مجلدات" وهي أكثر من كل ما في مكتبات أوروبا العامة والخاصة مجتمعة في العصر الوسيط "، ثم يعلق على هذه العبارة الأخيرة، فيقول في حواشي ص 61: "لكيلا ينزعج السادة المتأوربون، فإن التعبير ليس لي، وإنما هو للمستشرق الفرنسي جاك رسلير، في كتابه "الحضارة العربية" ص 92.
ولا يفوت المؤلف أن يضع عيون الطلبة على وجه من وجوه الإِنصاف وحرية الفكر في تاريخنا الثقافي، فيقول في ص 67: "وكانت الدولة تضع في المقام الأول من عنايتها نشر الآداب، والعلوم والفنون، ورعاية الكتاب والأدباء والمفكرين، وكان هؤلاء يتمتعون - بصفة عامة - بحرية فكر غير محدودة، ولقد درس الشهرستاني في كتابه "الملل والنحل" العقائد التي كانت سائدة في عصره، في حياد دقيق لا يمكن أن تجد له مثيلاً عند عالم غربي من علماء عصره.
ثم ينقل عن ياقوت الحموي قصة ذات دلالة على حرية الفكر عند بعض العلماء العرب، والقصة كما ذكرها ياقوت في ترجمة شيخه "المبارك بن المبارك بن سعيد ابن الدهان، المعروف بالوجيه النحوي" من معجم الأدباء ص 2266، قال ياقوت: "وحدثني محب الدين محمد بن النجار، قال: حضر الوجيه النحوي بدار الكتب التي برباط المأمونية، وخازنها يومئذ أبو المعاطي أحمد بن هبة الله، فجرى حديث المعري، فذمه الخازن وقال: كان عندي في الخزانة كتاب من تصانيفه، فغسلته، ففال له الوجيه: وأي شيء كان هذا الكتاب؟ قال: كان كتاب نقض القرآن، ففال له: أخطأت في غسله، فعجب الجماعة منه وتغامزوا عليه، واستشاط ابن هبة الله وقال له: مثلك ينهى عن مثل هذا؟ قال: نعم، لا يخلو أن يكون هذا الكتاب مثل القرآن أو خيراً منه أو دونه، فإن كان مثله أو خيراً منه - وحاش لله أن يكون ذلك - فلا