فهو من التعلات الباطلة، والكذب على النفس، وكل أولئك مما يلجأ إليه الضعفة ويحتمي به الكسالى، وإنما هو فساد الزمان وسقوط الهمم".
وينبه المؤلف إلى المغيّب من تراثنا، ويذكر أن ما نشر منه ليس كاشفاً عن حقيقته، وأن ذلك كان سبيلاً إلى الطعن والمنقصة، فيقول في ص 11: "إن تراثنا العقلي ما زال مطموراً، وما نشر منه ليس بأفضله دواماً، وغياب هذه النفائس شجع بعض النفوس الضعيفة، على أن تتخذ من سب الأدب العربي والقائمين عليه وسيلة لمشاغبات تظهر بها، والهدم أسهل من البناء، والسلبية طريقها معبد، والخلق الفني محفوف دائماً بالمكاره والصعاب".
ويقول المؤلف الفاضل - في ص 56 - وهو يتحدث عن حركة التعليم العام والخاص في المجتمع الإِسلامي في الفرن الرابع الهجري: "وإلى جانب التعليم العام كانت الطبقات العالية في المجتمع تحضر لأبنائها معلمين خصوصيين، يفقهونهم في الدين والأدب، وفي الكثير من أجزاء الإِمبراطورية الإِسلامية بلغ التعليم الابتدائي قدراً عالياً من الانتشار، ويقرر المستشرق الهولندي رينهاوت دوزي عز وجلozy بأن "كل واحد تقريباً في الأندلس كان يعرف القراءة والكتابة " بينما كانت اوروبا المسيحية لا تعرف إلا اوليات المعارف، وكان عرفانها، لا يعدو طبقة قليلة معظمها من رجال الدين".
وحين يعرض المؤلف للحضارة العربية في قرطبة الأندلسية في أوائل القرن الثامن الميلادي يقول: "كانت الحملة الإِسلامية في شبه جزيرة إيبريا، المدخل الجنوبي الغربي لأوروبا، أروع عمل حربي عرفه تاريخ العصور الوسطى، فما هي إلا سنوات سبع "711 - 717 م" حتى تم فتح شبه الجزيرة التي تعتبر من أجمل وأوسع الأقاليم في أوروبا، وقدر للحضارة العربية بعد نصر يبدو كأنه أسطورة، أن تستقر هناك زمناً، وأن يصبح لها بعد وقت، طابعها الخاص المميز، على الرغم من أصولها المشرقية، وأن تصبح قرطبة - وقد جعل منها السمج بن مالك الخولاني