شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20/ 127، وروي انه قال: والله ما تركت ذلك علانية إلا وأنا أقوله سرّاً وأكثر منه.
ومن هذا الباب أيضاً ما روي أن علويّاً قال لأبي العَيْناء: اتبغضني وقد أمرت بالصلاة عليَّ؟ تقول: صلََّى الله على محمد وآله. قال أبو العيناء: إني أقول: "الطيِّبين الأخيار" فتخرج أنت. ربيع الأبرار 1/ 717.
وأبو العيناء هذا: اسمه محمد بن القاسم، كان أديباً فصيحاً، من ظرفاء الدنيا، ومن أسرع الناس جواباً، اشتهر بنوادره ولطائفه، وكان ذكيّاً جداً، حسن الشعر، مليح الكتابة والترسل، خبيث اللسان في سب الناس والتعريض بهم، نشأ بالبصرة وتوفي بها سنة 283، كُفَّ بصره بعد بلوغه أربعين سنة، قال عنه الخليفة العباسي المتوكل. لولا أنه ضرير لنادمته، فبلغه ذلك فقال: إن أعفاني من رؤية الأهلة وقراءة نقوش الفصوص، فأنا أصلح للمنادمة، وَفَيَات الأعيان لابن خلكان 4/ 345، والأعلام للزركلي 7/ 226.
وروي عن الجاحظ أنه قال: كان رجل من أهل السواد - والسواد: ناحية بالعراق افتتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب، سميت بذلك لكثرة الزروع والنخيل والأشجار بها، والعرب تسمي الخضرة سواداً - كان هذا الرجل يتشيع، وكان ظريفاً، فقال ابن عم له: "بلغني انك تبغض عليّاً عليه السلام (أي تدعو الناس إلى بغضه وكراهيته) والله لئن فعلت لتردن عليه الحوض ولا يسقيك! قال: والحوض في يده يوم القيامة؟ قال: نعم، فقال: وما لهذا الرجل الفاضل يقتل الناس في الدنيا بالسيف وفي الآخرة بالعطش؟ فقيل له: أتقول هذا مع تشيعك ودينك؟ قال: والله لا تركت النادرة ولو قتلتني في الدنيا، وادخلتني النار في الآخرة"، معجم الأدباء لياقوت الحموي ص 2108 (طبعة الدكتور إحسان عباس، وهي طبعة عظيمة فاقت الطبعتين السابقتين: طبعة مرجليوث، وطبعة فريد رفاعي).
ومن باب الصدق مع النفس أيضاً قول دعبل بن علي الخزاعي، الشاعر