مرة، فإن كثيراً منهم أيضاً كان على السنة، وعلى المنهج الراشد المقتصد. فقد روي أن أبا رجاء العطاردي - وكان إماماً كبيراً من المخضرمين - كان يختم بأصحابه في قيام رمضان القرآن كل عشرة أيام. حليلة الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني 2/ 306، وصفة الصفوة لابن الجوزي 3/ 221.
وقال القرطبي في كتاب التذكار في أفضل الأذكار ص 67: «وذهب كثير من العلماء إلى منع الزيادة على سبع، أخذاً بظاهر المنع في قوله: «فاقرأه في سبع ولا تزد - يعني في حديث عبد الله بن عمرو السابق - واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرو عنه أنه ختم القرآن كله في ليلة، ولا في أقل من السبع، وهو أعلم بالمصالح والأجر، وفضل الله يؤتيه من يشاء، فقد يعطي على القليل ما لا يعطي على الكثير».
وروي أن عبد الله بن مسعود كان يقرأ القرآن في غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة، ويقرؤه في رمضان في ثلاث، وكذلك كان تميم والأعمش يختمان في كل سبع، وكان أبي يختمه في كل ثمان، وكان الأسود يختمه في ست، وكان علقمة يختمه في خمس، جمال القراء وكمال الإقراء لعلم الدين السخاوي 1/ 107.
وقد عقد أبو عمر الداني باباً في (كم يستحب ختم القرآن وما روي عن الصحابة والتابعين في ذلك)، في كتابه البيان في عد آي القرآن صفحة 321.
بل إن بعض الصحابة والتابعين كان يقف في قراءته عند سورة بعينها، يظل يرددها، أو آية بخصوصها، فلا يزال يكررها، طلباً للتدبر، وخشوعاً لجلال المعنى، وكان إمامهم في ذلك وقدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد روي عن أبي ذر رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح، بها يقوم، وبها يركع، وبها يسجد {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم (118)} [المائدة: 118]، وعن تميم الداري أنه أتى المقام - في الكعبة الشريفة - ذات ليلة، فقام يصلي، فافتتح السورة