مع بداية العام الدراسي الجديد:
من يقرأ هذه الكتب (?)؟ !
قرأت شيئاً من الجاحظ في صدر الشباب، ثم أخذت أعاوده المرة بعد المرة لتوثيق نقل أو تخريج شاهد، فيما أعالج من تحقيق النصوص ونشرها. وفي السنوات الأخيرة رأيت أن أقرأه على مكث، وأن أعطيه حظه من النظر والتأمل، بل قل: لأعطي نفسي حظها من الإمتاع والمؤانسة، فخصصت له وقتاً من إجازة الصيف بالإسكندرية، أقرأ وأستخرج وأقيد؛ لنفسي ولطلبتي حين أستقبل معهم العام الدراسي الجديد، فإني وإن كنت أدرس علم النحو، فإني أرى أن الأدب لازم للنحوي إقراء وتدريساً حتى يجد لكلامه سبيلاً ومذهباً، ولتوجيهه مقنعاً وبلاغاً.
وهذا الجاحظ يحكي عن ابن عتاب قوله: «يكون الرجل نحوياً عروضياً، وقساماً فرضياً، وحسن الكتاب جيد الحساب، حافظاً للقرآن، راوية للشعر، وهو يرضى أن يعلم أولادنا بستين درهماً، ولو أن رجلاً كان حسن البيان، حسن التخريج للمعاني ليس عنده غير ذلك، لم يرض بألف درهم؛ لأن النحوي الذي ليس عنده إمتاع، كالنجار الذي يدعى ليعلق باباً وهو أحذق الناس، ثم يفرغ من تعليقه ذلك الباب فيقال له: انصرف، وصاحب الإمتاع يراد في الحالات كلها». البيان والتبيين 1/ 403.
وقيل للشافعي: كيف شهوتك للأدب؟ قال: أسمع بالحرف منه مما لم