عرضت في عدد الهلال الماضي لكلمة الشاعر الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي المنشورة بجريدة الأهرام 26/ 8/1992 م، والتي قدم فيها كتاب الأستاذ الكبير الدكتور مصطفى ناصف «صوت الشاعر القديم».
وقد وقفت عند قول الأستاذ حجازي إنه مدين لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين «بهذا المنهج» الذي أخرج به الشعر الجاهلي من سلطان النحاة والشراح وسدنة الكتب الصفراء».
ثم ناقشته في «سدنة الكتب الصفراء»، ولم يبق لي من كلامه إلا قوله: إن الدكتور طه حسين «قد أخرج بمنهجه الشعر الجاهلي من سلطان النحاة».
وعوداً على بدء، فهذا أيضاً من الكلام الذي يُرسل إرسالًا، وكأنه من الحقائق المؤكدة التي استقرت عند الناس، ولم يبق لأحد فيها مقال.
فأي «سلطان» يا سيدي الشاعر، وأي «نحاة»؟ لابد من تحديد هذا السلطان (الحائر) وبيان مداه الذي ينتهي إليه، وغايته التي يقف عندها. ولا بد أيضاً من تعيين هؤلاء «النحاة» بأسمائهم وأزمانهم، فإن هناك كثرة من النحاة الأوائل قد وقفوا مع الإبداع الشعري - كما يقال - ووجهوا تراكيب الشاعر التي خرجت في الظاهر عن سَنَن كلام العرب؛ فالتمسوا لها وجهاً، وطلبوا لها تأويلًا من لغات العرب التي تسمى الآن «لهجات».