التصحيح اللغوي .. وضرورة التحرَّي (?)

«من عَرف كلام العرب لم يكد يُلحَّن أحداً»، تذكرت كلمة الأصمعي هذه وأنا أقرأ صفحة «لغويات» في عدد الماضي من الهلال، فقد جاء في هذه الصفحة: «تُوفَّي فلان إلى رحمة الله فهو «مُتَوَفّىَ» بضم الميم وفتح التاء والواو وتشديد الفاء المفتوحة وتنوين الحرف الأخير. وهذا من بديهيات اللغة التي كانت معروفة عند الصحف المصرية والعربية، ولكن إحدى الصحف المصرية الكبرى كتبت في صحفتها الأولى منذ أسابيع كلمة «مُتوف» بكسر الفاء وتنوينها بدلًا من «متوفى» التي بيناها، فكأنما أحدث الرجل الوفاة بنفسه، ولم يتوفه الله تعالى! ».

وهذا الكلام صواب، ولكنه ليس الصواب الذي لا صواب غيره، ولأهل العلم في ذلك كلام طريف يصحَّحون فيه الرجل الآخر لذلك الاستعمال الذي يأتي على ألسنة العامة هذه الأيام، وهو الاستعمال الذي خطأه الكاتب الفاضل، مع أنه ضارب في العربية بعروقه، فإنه يقال: «تَوَفَّى فلان فهو مُتَوَفَّ» بفتح التاء والواو الفاء في الفعل، وكسر الفاء في اسم الفاعل، ويكون المعنى على هذا الضبط أنه استوفى أجله، واستنفد أيامه في هذه الحياة الدنيا، وعلى ذلك جاءت القراءة المروبة عن علي بن أبي طالب، وعن المفضل عن عاصم: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً} [البقرة: 234] بفتح الياء في «يتوفون». قال ابن مجاهد: «ولا يُقرأ بها»، وقال ابن جني في المحتسب 1/ 125: «هذا الذي أنكره ابن مجاهد عندي مستقيم جائز،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015