وأبو حيان توفي نحو سنة 400 هـ، فيتطرق الشك إذن إلى أمرين: الأول كون القصيدة قيلت في مدح عميدالملك الذي تأخرت وفاته كثيراً عن وفاة أبي حيان. الثاني: نسبة البيتين لابن زريق. ولما كنا لا نملك ما ندفع به الأمر الأول، برغم أن القصيدة ليس فيها ذكر لعميد الملك، لا من قريب ولا من بعيد، فإن الشك ينحصر في الأمر الثاني، وهو أن البيتين ليسا لابن زريق، ويقوي هذا دليلان: الأول: أن أبا حيان لم ينسب البيتين لقائل، لا لابن زريق ولا لغيره. الثاني: أن أبا منصور الثعالبي (?)، نسبهما مع بيتين يأتيان بعدهما في ترتيب القصيدة إلى الوأواء الدمشقي المتوفى نحو سنة 385 هـ، والثعالبي حجة فيما يورده، لأنه يسجل أدب عصره، وقد أورد محقق ديوان الوأواء (?) هذه الأبيات الأربعة عن الثعالبي، ووضعها في الزيادات التي ليست بأصل الديوان، ثم ذكر أن الأبيات من قصيدة ابن زريق، وأحال على كتاب «الكشكول» للعاملي.

وإذا صح كلام الثعالبي فيكون ابن زريق قد ضمَّن هذه الأبيات الأربعة قصيدته التي لا شك في نسبتها إليه، أو أن بعض الرواة أقحم الأبيات على القصيدة، لاتفاق القافية والوزن والنفس الشعري.

ولعل مما يتصل بهذه القضية أني وجدت أبياتاً للتهامي المتوفى سنة 416 هـ، شديدة الشبه بأبيات ابن زريق، أوردها أسامة بن منقذ (?)، أولها:

أستودع الله في أرض الحجاز رشا ... في روضة القلب مأواه ومرتعه

ونأتي إلى من أثبت قصيدة ابن زريق، فأول من عرفت: أبو سعد السمعاني المتوفى سنة 563 هـ، وذكر أبياتاً من القصيدة غير تامة، وبعده: أسامة بن منقذ المتوفى سنة 584 هـ، وذكر من القصيدة عشرة أبيات، وصلاح الدين الصفدي المتوفى سنة 764 هـ، وتاج الدين السبكي المتوفى سنة 771 هـ، وأبو بكر بن حجة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015