فثقل عليه، فتطلّب لأبي محمد الذنوب، وتمحّل ما أنكره عليه، وأطلق فيه لسانه بالوقيعة والتهدد، وبلغ أبا محمد ذلك فقلق له واستشعر النكبة والهلكة لأنه لم يطمع من معز الدولة في نصرته عليه وعصمته منه، فما راعه إلا ورود كتاب الطائر بوفاة الصميري، فجلس له في العزاء وأظهر له الحزن الشديد ولزم منزله، فاستدعاه معز الدولة وأمره بالحضور وتمشية الأمور إلى أن يقلّد من يرى تقليده الوزارة. وترشح للوزارة جماعة منهم: أبو علي الحسن بن هارون بن نصر وأبو علي الحسن بن محمد الطبري وأبو الحسن محمد بن أحمد المافروخي وأبو عبد الله محمد بن أحمد الخوميني، وبذلوا البذول وضمنوا الأموال، ووسّط أبو عليّ الطبري في أمره والدة عز الدولة وبذل مائتي ألف درهم عاجلة على سبيل الهدية فطالبه معز الدولة بالمال، فحمل منه مائة وثمانين ألف درهم وقال: قد بقي بقية يسيرة إذا ظهر حملتها، فقال معز الدولة: لا أفعل إلا بعد استيفاء المال، فعلم الطبري أنه خدع، وندم على ما فعله. ثم حضر الجماعة المترشحون الخاطبون وكل يعتقد أنه المختار المقلّد، وجلسوا في خركاه ينتظرون الإذن، ثم أوصل القوم ووقفوا على مراتبهم، ودخل أبو محمد بعدهم وقام في أخرياتهم، فلما تجمع الناس أسرّ معز الدولة إلى أبي علي الحسن بن إبراهيم الخازن قولا لم يسمع، فمشى إلى أبي محمد المهلبي وقبّل يده وخاطبه بالاستاذية، على ما كان أبو جعفر يخاطب به، وحمله إلى الخزانة فخلع عليه الخلعة التي هي رسم أمثاله: القباء والسيف والمنديل والمنطقة. قال هلال، قال جدي: فو الله يا بنيّ لقد رأيت الناس على طبقاتهم ممن أسميناه، ومن يتلوهم من الجند وغيرهم، والسعيد منهم من وصل إلى يده فقبّلها. وعاد أبو محمد إلى حضرة معز الدولة فخاطبه بالتعويل عليه في تقلّد وزارته وتدبير دولته، وشكره أبو محمد شكرا