ودخل رسول معز الدولة على المهلبي يدعوه وهو على شرابه فقال بديها:
إذا قيل طعم الوصل ثمّ تنمرت ... عليك بوجه لم يكن يعرف القطبا
وما جاءني منه رسول وإن أتى ... بما سرّني إلا ملئت به رعبا
قيل: صحب أبو محمد المهلّبي في أول أمره أبا زكريا يحيى بن سعيد السوسي ونظر في ضياعه بالأهواز وكانت جليلة القدر، ثم اتصل بأبي الحسن عليّ بن محمد الطبري وكان واليا كبيرا من قبل معز الدولة وناب عنه على باب معزّ الدولة بحضرة أبي جعفر الصيمريّ، وكانت فيه مداخلة ومعرفة بخدمة الرؤساء. وكان بين أبي جعفر وأبي الحسن الطبري عداوة، فجرى بين المهلبي وبين أبي الحسن منافرة نكبه لأجلها ثم رضي عنه بعد ذلك. ثم لازم أبا جعفر وصحبه إلى بغداد والجبل، وشرع في سدّ بثق النهروان، فندب له المهلبي، فقام فيه أحسن قيام.
ولأبي [....] قصيدة يخاطب فيها أبا جعفر الصميري ويذكر المهلبي وكان في صحبته:
ماذا لقينا من القاطول لا هطلت ... فيه السحاب ولا سقّته تهتانا
فقد سددناه وارتدّت غواربه ... حسرى ولم نأل إحكاما وإتقانا
وقد دعمنا له سكرا سما وطما ... حتى توهّمه راءوه ثهلانا
واستفرغ الوسع حتى طمّ خا ... دمك المهلّبي وقاسى فيه أشجانا
نجاه منه بآراء مثقّفة ... تخالها في ظلام الليل نيرانا
رميت بحرا بطود فاستكان له ... كرها وأيقظت فيما ناب يقظانا
وما تقابل بالإقبال ممتنعا ... إلا تبدّل بالعصيان إذعانا
ثم خرج معزّ الدولة والصميري إلى الموصل لقتال ناصر الدولة، فاستخلف الصيمريّ المهلبيّ وأبا الحسن طازاد بن عيسى على الأمور بمدينة السلام إلى أن عاد.
ثم خرج الصميريّ إلى البطيحة لطلب عمران بن شاهين، فاستناب بحضرة معزّ الدولة أبا محمد وحده في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، فخدم أبو محمد بين يدي معز الدولة خدمة حسنة خفّف بها عنه وخفّ على قلبه بها، فمال إليه وقربه، وبلغ أبا جعفر ذلك