أحد بعد أبي الحسن علي بن هلال بن البواب أجود من الجويني، وكان أستاذه في الكتابة يعقوب الغزنوي، كتب عليه ببغداد إلا أنه أبرّ عليه وزاد حتى لا تناسب بين خطيهما. وكان من شيمة الجويني أنه قطّ ما كتب شيئا بخطّه كثر أو قلّ، دق أو جلّ، إلا ويكتب في آخره: كتبه الحسن بن علي الجويني. وكتب عليه جماعة من الكتاب وافتخروا بأستاذيته كابن القيسراني وغيره، وكان يتنقل في البلاد، حتى حطّ بركه بالديار المصرية، ونفق بها سوقه، وعلا على أبناء جنسه قدره، وعظم شانه وارتفع مكانه، وكان مع ذلك لا يترك هيئته وسمته، فإنه كان يتزيا زيّ أهل التصوف. وبلغ من علو قدره بالديار المصرية إلى أن ولي ولده عز الدين إبراهيم ولاية القاهرة بعد ما ولي ولاية اسكندرية مدة، وكان محمود السيرة، رأيت أهل مصر ممن شاهد ولايته يحسن الثناء عليه، وكان ملوكيّ الهمة شريف النفس، أعني عز الدين إبراهيم. وكان فخر الكتاب يقول الشعر ويتعاناه إلا أنه لم يكن فيه بذاك، ومن شعره يمدح القاضي الفاضل وهو من أجود شعره:
لولا انقطاع الوحي كان منزّلا ... في الفاضل بن عليّ البيساني
نثني عليه بمثل ما يثني على ... أفعاله المرضيّة الملكان
ومن شعره في الزهد:
كم كادت الأوطان تشغلنا ... بزخارف الدنيا عن الله
حتى تغرّ بنا فكم غيرا ... يقطعن عقل الغافل اللاهي
[336]
، أبو محمد المصري، أخو الرشيد أحمد بن علي- وقد تقدم ذكره «1» -: وكان من أهل أسوان من غسان، وكان الحسن هذا