والجوع وفقدان المأوى.
وأقام ياقوت بالموصل مدة ثم رحل إلى سنجار ومن سنجار إلى حلب «1» ، ودخل على القاضي الأكرم في حالة يسوء منظرها، ووصف من أمره أمورا لا يسرّ مخبرها، وقال: قد ألقيت عصاي ببابك، وخيم أملي بجانب جنابك، فقال له القاضي الأكرم: أقاسمك العيش «2» - عبارة غامضة إذ لا ندري ما معنى مقاسمة العيش بدقة، وقريب منها في الغموض قول القفطي بعد ذلك «فأقام مشاركا في المعلوم» «3» ، وإذا صدقنا القفطي قلنا لعله قدم لياقوت بعض مال يعينه على شراء طعامه، وأباح له استعمال مكتبته فنسخ وباع، ولفّق من تلك الكتب مجموعات لم يكملها. ونراه سنة 618 ما يزال بحلب، وفيها يلقى القاسم بن أحمد اللورقي «4» ، ويأخذ عنه ترجمته، وهو بحلب أيضا في السنة التالية (619) (أواخر ربيع الثاني «5» وذي الحجة «6» ) ، من العام نفسه. وكذلك هو في حلب (عام 620) «7» ، بل وفي كل عام حتى تاريخ وفاته.
ولتردده إلى حلب وإقامته فيها وقربه من القفطي، وجولاته فيها وفي حاضرها وفي قراها، تحتل منطقة حلب في معجم البلدان مكانة واضحة المعالم لا تدانيها دمشق «وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت على أن الله تعالى خصّها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد» فعدّ أنواع الزراعة فيها وميزة مزروعاتها، وذكر أن فيها نيفا و 820 قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة ونحو نيف و 200 قرية مشتركة بين الرعية والسلطان، وقد وقّفه على الجريدة بأسماء القرى وأسماء ملاكها القاضي الأكرم، وهي تقوم برزق 5000 فارس، وفيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام 10000- 15000 درهم وفي أعمالها (21) قلعة يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها ما لم يذكر في النفقات السابقة، ويصف ياقوت قلعة