عيب. وقد جلس عند صنّاعه وطلب أن يروه قطعة واحدة لا عيب فيها، فعرّفوه أن ذلك معدوم، إنما الخالي من العيب هو الذي يجلب من الري، وقد كان حين مرّ بالري في بعض أسفاره جلس إلى الصنّاع فيها فوجد السليم من القصاع كثيرا «1» . ثم غادر أردبيل إلى اربل فوصلها في العشر الوسطي من شهر رجب (سنة 617) «2» ، ونزل عند شرف الدين المستوفي وربما أطلعه على ما نجز من كتابه «إرشاد الألباء» ، ثم توجّه إلى الموصل، ومنها كتب رسالته إلى القفطي بحلب، وهي الشاهد الأكمل على قدرته الأدبية النثرية، وبعد مقدمات في الثناء على القفطي والحديث عن ولاء ياقوت له، يتحدث عن مقامه بمرو، وإفادته من وفرة مكتباتها، ثم يعرج إلى التحدث عن خراسان: كيف كانت وكيف أصبحت، «إلى أن حدث بخراسان ما حدث من الخراب، والويل المبير والتباب، وكانت لعمر الله بلادا ذات رياض أريضة، وأهوية صحيحة مريضة ... وجملة أمرها أنها كانت أنموذج الجنة بلا مين، فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ العين ... فكم كان فيها من حبر راقت حبره، ومن إمام توّجت جباه الإسلام سيره، آثار علومهم على صفحات الدهر مكتوبة، وفضائلهم في محاسن الدنيا والدين محسوبة، وإلى كل قطر مجلوبة» «3» ، ثم يصف حاله في الموصل فيقول: «والمملوك الآن بالموصل مقيم، يعالج مما حزبه من هذا الأمر المقعد المقيم، يزجّي وقته ويمارس حرفته وبخته ... يذيب نفسه في تحصيل أغراض، هي لعمر الله أعراض، من صحف يكتبها، وأوراق يستصحبها، نصبه فيها طويل، واستمتاعه بها قليل، ثم الرحيل، ويركب سنن الطريق عساه يبلغ أمنيته من المثول بالحضرة، وإتحاف بصره من خلالها ولو بنظرة، ويلقي عصا الترحال بفنائها الفسيح، ويقيم تحت ظلّ كنفها إلى أن يصادفه الأجل المريح» «4» .
ويضيف ياقوت إلى اسمه صفة جديدة- في صدر الرسالة- وهي «الأكرمي» أي أنه مملوك القاضي الأكرم، وهكذا يربط رقبته بحبل الرقّ ومن حوافز ذلك الضياع