ما يستعيره أحيانا مائتي مجلد، وهو يقرّ أن جلّ الفوائد التي تضمنها كتابه معجم البلدان وغيره من كتبه إنما كان مستمدا من تلك الخزائن «1» .

وحققت له إقامته بمرو لقاء كثير من علمائها والوافدين إليها وتأكدت صلته بآل السمعاني، وخاصة بأبي المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني، وكانت خزانتا السمعانيين مدخلا أوليا لتلك العلاقة. وعرض عليه أبو المظفر جزءا يشتمل على رسائل للحسن القطان، إلى الرشيد الوطواط، محشوة بالسب والثلب، تصريحا لا تعريضا، إذ إن القطان كان يتهم الوطواط بأنه سلبه كتبه، ولكنه لم يدوّن شيئا من رسائل القطان، وأدركه الندم حين احتاج إليها، واكتفى باقتباس أجوبة الوطواط على تلك الرسائل «2» .

وأثناء إقامته في مرو لم يكن يغادر المدينة إلا ليتعرف إلى بعض قراها، ولعل التعرف الجغرافي كان هدفه الأول من تلك الجولات، وإن كنّا لا نستبعد أن التجارة كانت حافزا آخر، فزار قرية جنوجرد (614) ووجدها كبيرة ذات أسواق وعمارات حسنة وجامع فسيح وكروم وبساتين «3» . وكذلك رأى الجرجانية فوجدها مدينة عظيمة «4» ، ورأى جيربخ فرآها حافلة بالدور العالية والمنازل النفيسة والأسواق الكبيرة «5» ، ومن هذا الوصف ندرك أن كثيرا من قرى مرو كانت أشبه شيء بالمدن.

أقام ياقوت في مرو قرابة ثلاث سنوات متتابعة (614- 616) وحين فارقها في العام الثالث ذاهبا إلى خوارزم كان ينوي العودة إليها، لأنه كان قد نوى منذ البداية أن لا يفارقها إلى الممات»

، لكن أحداثا كانت أقوى منه بكثير هي التي اضطرته إلى مغادرتها نهائيا.

وأدهشته خوارزم بروعة عمرانها حتى أنه ما رأى ولاية أعمر منها، فقد وجد أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015