الفضل محمد بن طاهر المقدسي، سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي الدقاق المعروف بابن الخاضبة يقول: لما كانت سنة الغرق «1» وقعت داري على قماشي وكتبي، وكان لي عائلة الوالدة والزوجة والبنت، فكنت أورّق للناس وأنفق على الأهل، فأعرف أنني كتبت «صحيح مسلم» في تلك السنة سبع مرات، فلما كان ليلة من الليالي رأيت في المنام كأنّ القيامة قد قامت ومناد ينادي ابن الخاضبة، فأحضرت فقيل لي ادخل الجنة، فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجليّ على الأخرى وقلت: آه استرحت والله من النسخ.
قال السمعاني: وسمعت أبا المناقب محمد بن حمزة بن إسماعيل العلوي بهمذان مذاكرة يقول: ذكر أبو بكر ابن الخاضبة رحمه الله أنه كان ليلة من الليالي قاعدا ينسخ شيئا من الحديث بعد أن مضى قطعة من الليل، قال: وكنت ضيق اليد، فخرجت فأرة كبيرة وجعلت تعدو في البيت، وإذا بعد ساعة قد خرجت أخرى، وجعلا يلعبان بين يديّ ويتقافزان إلى أن دنوا من ضوء السراج، وتقدمت إحداهما إليّ وكانت بين يديّ طاسة فأكببتها عليها، فجاءت صاحبتها فدخل «2» سربه وإذا بعد ساعة قد خرج وفي فيه دينار صحيح وتركه بين يدي، فنظرت إليه وسكت واشتغلت بالنسخ، ومكث ساعة ينظر إليّ، فرجع وجاء بدينار آخر ومكث ساعة أخرى، وانا ساكت انظر وأنسخ، فكان يمضي ويجيء إلى أن جاء بأربعة دنانير أو خمسة، الشكّ مني، وقعد زمانا طويلا أطول من كلّ نوبة ورجع ودخل سربه وخرج، وإذا في فيه جليدة كانت فيها الدنانير وتركها فوق الدنانير، فعرفت أنه ما بقي معه شيء، فرفعت الطاسة فقفزا فدخلا البيت، وأخذت الدنانير وأنفقتها في مهمّ لي، وكان في كل دينار دينار وربع.
قال السمعاني: حكى أبو المناقب العلوي هذا أو معناه فاني كتبت من حفظي والعهدة عليه فيما حكى وروى. فإني ذاكرت بهذه الحكاية بعض أهل العلم بدمشق فنسبها إلى غير ابن الخاضبة، والله أعلم.
قال: وسمعت أبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي يقول: