ولا تقعد على كسل التمني ... تحيل على المقادر والقضاء
فإن مقادر الرحمن تجري ... بأرزاق الرجال من السماء
مقدرة بقبض أو ببسط ... وعجز المرء أسباب البلاء
وأهدى إليه المنذر بن الجارود العبدي ثيابا فقال أبو الأسود «1» :
كساك ولم تستكسه فحمدته ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر
وإنّ أحق الناس إن كنت حامدا ... بحمدك من أعطاك والعرض وافر
وحدث قال: خرج أبو الأسود إلى طلحة الطلحات وهو على سجستان فأقام ببابه أياما لا يصل إليه فلما طال عليه كتب إليه:
ورد السعاة العاطشون فأنهلوا ... ريّا وطاب لهم لديك المكرع
ووردت بحرك ظامئا متدفقا ... فرددت دلوي شنّها يتقعقع
وأراك تمطر جانبا عن جانب ... ومحلّ بيتي من سمائك بلقع
ويردني طمعا إلى ما ارتجي ... من قد وصلت فإن لبك مشبع
فأذن له فدخل وفي يد طلحة حجران يقلبهما فقال: يا أبا الأسود، اختر أحد هذين الحجرين أو عشرة آلاف درهم. فقال: أصلح الله الأمير، ما كنت لآخذ حجرا على عشرين ألف درهم. فأمر له بعشرين ألفا. فلما قبضها قال: أصلح الله الأمير وأكرمه، إن رأى أن يعطيني أحد هذين الحجرين فليفعل. فرمى إليه بالحجرين جميعا، فقدم بهما العراق فباعهما بمائة وخمسين ألف درهم.
وأنشد لمروان بن أبي حفصة «2» :
ثلاثة أحدثوا فينا بفطنتهم ... ما ليس يدفعه علم ولا أدب
أخو بني الديل دلتنا هدايته ... على إقامة ما قد قالت العرب
والشعر صاغ لنا ميزان قسمته ... ذهن الخليل فلا عيب ولا عتب
وللغناء بوزن الشعر تسوية ... كما تثقّف في عيدانها القضب
فقد أتانا بنقر الموصلى له ... إيقاع حذق به يستجمع الطرب