عزيز على فضلي بأن لا أطيعه ... على بذله للطائفين على العلم
ولو أنني أسطيع من فرط حبّه ... لما زال من كفّي ولا غاب عن كمي
وقد قرأت بخط أبي سعد السمعاني لأبي عبد الله محمد بن سلامة المقرىء [1] في هذا النشوار:
إني لما أنا فيه من منافستي ... فيما شغفت به من هذه الكتب
لقد علمت بأن الموت يدركني ... من قبل أن ينقضي من حبّها أربي
[ولله درّ القائل] [2] :
ومجموعة فيها علوم كثيرة ... تقرّ بما فيها عيون الأفاضل
ألذّ من النّعمى وأحلى من المنى ... وأحسن من وجه الحبيب المواصل
حكت روضة حاكت يد القطر وشيها ... ومسّك ريّاها نسيم الأصائل
أطالعها في كلّ وقت فأجتلي ... عقائل يغلي مهرها كلّ عاقل
وأمنعها الجهال فهي حبيبة ... «جرى حبّها مجرى دمي في مفاصلي»
(تضمين نصف بيت للمتنبي) .
واعلم [3] أنني لو أعطيت حمر النّعم وسودها، ومقانب [4] الملوك وبنودها، لما سرّني أن ينسب هذا الكتاب إلى سواي، وأن يفوز بقضب سبقه إلّاي، لما قاسيت في تحصيله من المشقة، وطويت في تكميله من طول الشّقّة، فإنني علم الله لم أقف على باب أحد من العالم أجتديه، ولا أحصي عدد ما وقفت على الأبواب للفوائد فيه، فلا غرو أن أمنعه من ملتمسيه، وأحجبه من الراغبين فيه. على أنّي ما زلت أعاتب نفسي على هذا الصنيع، وأعدّه من الأمر الفظيع والخلق الشنيع، إلى أن وقفت على الكتاب الذي ألفه محمد بن عبد الملك التاريخي في أخبار النحويين، وقد قال في