وثمانين وأربعمائة معتقلا بمصر في خزانة البنود، وكان يلقب بالمجيد ذي الفضيلتين، أحد البلغاء الفصحاء الشعراء، له رسائل مدونة مشهورة قيل إن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن [علي] البيساني منها استمدّ وبها اعتدّ، وأظنه كتب في ديوان الرسائل للمستنصر صاحب مصر لأن في رسائله جوابات إلى الفساسيري، إلا أن أكثر رسائله إخوانيات وما كتبه عن نفسه إلى أصدقائه ووزراء وأمراء زمانه، وها أنا أكتب منها ما سنح لتعرف قدر بضاعته ومغزى صناعته، نظما ونثرا؛ قال من قصيدة:
أخذت لحاظي من جنى خديك ... أرش الذي لاقيت من عينك
هيهات إني إن وزنت بمهجتي ... نظري إليك فقد ربحت عليك
غضّي جفونك وانظري تأثير ما ... صنعت لحاظك في بنان يديك
هو ويك نضح دمي وعزّ عليّ أن ... ألقاك في عرض الخطاب بويك
وسلكت في فيض الدموع مسالكا ... قصرت بها يد عامر وسليك
صانوك بالسمر اللدان وصنتهم ... بنواظر فحميتهم وحموك
لو يشهرون سيوف لحظك في الورى [1] ... ما استنفروا [2] فيها قنا أبويك
وهم المغاوير الكماة وإنما ... ألقوا مقاليد القلوب إليك [3]
وقد كتب إلى صديق له: لما حديت ركاب مولاي، أخذ صبري معه، وصحبه قلبي وتبعه:
فعجبت من جسم مقيم سائر ... كمسير بيت الشعر وهو مقيّد
وبقيت بعده أقاسي أمورا تخفّ الحليم وترعي الهشيم، إن رجوت منها غفلة