...
الفصل الأول: الدواوين المفرودة
-1-
كان حديثنا -فيما مر بنا من أبواب هذا البحث وفصوله- عن المصادر الأولى التي استقى منها العلماء الرواة في القرن الثاني الهجري ما بين أيديهم من شعر جاهلي.
وبيان ذلك أننا -حين قطعنا شوطًا في دراسة هذا الموضوع - وجدنا أن أخطر ما فيه وأشده غموضًا -على خطره كله وغموضه- هو تلك الفترة التي انقضت على نظم الشاعر الجاهلي لشعره إلى أن دُوِّن هذا الشعر في القرن الثاني الهجري في هذه الدواوين التي وصلت إلينا روايتها. هذه الفجوة الزمنية التي امتدت قرنًا وبعض قرن -من آخر العصر الجاهلي إلى مطلع القرن الثاني الهجري- هي التي استنفدت القسم الأعظم من جهدنا واستغرقت الجزء الأكبر من بحثنا هذا. وذلك لأن موضوعنا "مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية" فلم نجد من المعقول ولا من المقبول أن نسقط من حسابنا تلك الفترة التي سبقت تدوين هذه المصادر التي بين أيدينا، ولا أن نمر بها مرًّا هينًا عابرًا، بل لقد استبان لنا أننا مضطرون -من أجل معرفة هذه المصادر معرفة حقه وبيان قيمتها التاريخية بيانًا واضحًا- إلى أن نكشف عن الموارد التي استقت هذه الدواوين منها، والمناهل التي اغترف منها جامعوها وصانعوها.
فدرسنا آخر العصر الجاهلي والقرن الأول الهجري دراسة نرجو أن تكون دقيقة عميقة، وجمعنا ما عثرنا عليه متفرقًا في المظان العربية مما يتصل ببحثنا هذا، ثم انتهينا إلى نتائج ثلاث: