هؤلاء العلماء منهج في الأخذ والتلقي -على ما بيناه في صفحات تقدمت. ولكن هذا الخلاف في المصادر أولًا وفي المنهج ثانيًا لم يمنع العلماء من أن يأخذ بعضهم عن بعض، ومن أن يرحل علماء المصر إلى المصر المجاور ليأخذوا منهم ويرووا عنهم، ثم ينقلوا ما تيقنوا صحته إلى تلاميذهم ويكتبوه فيما يجمعون من دواوين.
فهذه الدواوين المنسوبة المسندة التي يرتفع إسنادها إلى الطبقة الأولى أو إلى تلاميذهم من علماء الطبقة الثانية هي التي تحوي بين دفتيها الشعر الجاهلي الذي تيقنوا صحته بعد تحرٍّ واستقصاء وجمع وتمحيص ونقد. وسيكون كل ذلك موضوع حديثنا في الباب التالي من هذا البحث.