ثم وزر الصَّالح للفائز، فأحسن التَّدْبير، وضَبَطَ الأُمور، ورتَّبها أحسن ترتيب، وعَدَلَ في الرعية، وكان صالحًا كما سُمِّي. وماتَ الفائز سنة خمسٍ وخمسين.

وأما عَبَّاس بن أبي الفتوح الصُّنهاجي، فكان أسلافُه يحترمون أسلاف الظَّافر، ويخطبون لهم ببلاد إفريقية وغيرها، وكان أخو عَبَّاس حاكمًا على إفريقية، فخاف منه عباس، فهرب إلى مِصر (?)، فاستولى عليها، واتفق مع الظَّافر على قتل ابنِ السَّلَّار، وكان نصر بن عَبَّاس ولدَ امرأة ابنِ السلار وربيبَه (?)، وفي حِجرْه رُبِّي، فاتَّفق نَصرٌ مع أبيه على قَتْله، فقتله كما ذكرنا، وَوَزَرَ عَبَّاس، ولقب بأميرِ الجيوش، ثم اتَّفق مع ابنه نَصر على قَتْلِ الظَّافر فقتله، وخرجا إلى السَّاحل، فَقُتِلَ عَبَّاس على عَسْقلان في صفر، وبقي ابنه نصر عند الفرنج، فبعث أهلُ القاهرة إلى الفرنج بمالٍ جزيل، وطلبوا نصرًا، فبعثوا به إليهم، فخرج أهل القاهرة ومصر، وجرَّدوا السَّكاكين والمقاريض، وقرضوا لحمه وشرَّحوه، ومثَّلوا به أقبح مُثلة، ثم صلبوه على باب داره بالسّيوفيين، وعلَّقوا رأسه على باب زُويلة، ثم ألقوا جسده إلى الكلاب، فأكلته، وأحرقوا ما بقي منه.

ووصلتِ الأخبار إلى بغداد بهذا وأَنَّه لم يبق إلا صبيٌّ صغير، فكتب المقتفي عهدًا لنورِ الدِّين محمود على الشَّام والسواحل ومِصر وأعمالها، وبعث إليه الخيل بمراكب الذهب والخِلَع، وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولًا بجهاد الفرنج.

السَّنَة الخمسون وخمس مئة

فيها قَبَضَ الخليفةُ على صاحب البابِ أبي الفَتْح بن الصَّيقل الهاشمي، وكان قد مدَّ يده إلى أموالِ الناس، وولي مكانه أبو القاسم عليُّ بن محمد بن هبة الله بن الصَّاحب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015