ديارٌ كنتُ آلفُها وأَغْشى ... بها هَيفاءَ واضحةَ الثَّنايا
فغيَّر آيَها صَرْفُ اللَّيالي ... وبدَّل أَهْلها بالقُرْب نايا
غَدَتْ أيَّامُها سُودًا وكانتْ ... ليالينا بها بِيضًا وضايا
وَبَتَّ الدَّهْر حَبْلَ الوَصلِ لَمَّا ... تواصَلَتِ النَّوائبُ والرَّزايا
وقال أيضًا من شعره: [من السريع]
ما مِحْنةٌ إلا لها غايةٌ ... وفي تناهِيها تَقَضِّيها
فاصبِرْ فإنَّ السَّعْيَ في دَفْنِها ... قَبْلَ التَّناهي زائدٌ فيها
أبو الحَجَّاج الأندلسي، سافر عن المغرب، ودخل بغداد وخُراسان، وتوفي ببَلْخ في ذي القَعدة، ومن شعره في الإجازة: [من الوافر]
أَجَزْتُ لهمْ روايةَ ما أَحبُّوا ... من المَسْمُوعِ لي والمُسْتجازِ
لأحظى منهمُ بدعاءِ خَيرٍ ... وفي الأُخرى من اللهِ المُجازي
وخطُّ المَغْرِبيِّ لهمْ شهيدٌ ... على وَجْه الحقيقةِ لا المَجَازِ
فيها بَعَثَ المقتفي رسولًا إلى تكريت بسبب عِزِّ الدِّين ابن الوزير ونجاح ويرنقش، فقبضوا على الرَّسول، فخرج الخليفةُ يوم الجمعة غُرَّة صفر بعساكره، فنزل على تكريت، فهربَ أهلُ البلد، ودَخَل العسكر البلد، فنهبوه، وشعَّثوا بعضه، ونصب الخليفة على تكريت ثلاثةَ عَشَرَ منجنيقًا، ووقع من سورها عِدَّةُ أبراج، وأقام القِتال يعمل إلى ثالث عشرة ربيع الأوَّل، فهبَّتْ ليلة الأربعاء بعد العِشاء ريحٌ شديدة أظلمتِ الدُّنيا، وظهر في الجوِّ نيرانٌ عظيمة، وتقطَّع سُرادق الخليفة، وأصبحوا، فباكروا