ثم خرج من دمشق إلى حلب، فأزال من الأَذَان "حيَّ على خير العمل" ثم عاد إلى دمشق، فَثَقُلَ على معين الدِّين مكانه، فأخرجه إلى بُصرى وبها الأمير سُرْخاك فأكرمه، وأقام عنده [(?) وما كان ذنب البَلْخي عند ابن منير الشَّاعر إلا أنه غيَّر الأذان في حلب، وأزال منه "حي على خير العمل".
وقال ابن عساكر: ثم عاد إلى دمشق في أول مملكة نور الدين محمود بن زنكي بعد خروج أبق منها، وتوفي في شعبان سنة ثمانٍ وأربعين وخمس مئة، ودفن بالباب الصَّغير].
[قلت (?): وقولُ ابنِ عساكر: ثم عاد إلى دمشق في أول مملكة نور الدين فيه نظر، لأنه قال: توفي البرهان في سنة ثمانٍ وأربعين وخمس مئة، ونور الدين إنما تملك دمشق في سنة تسع وأربعين وخمس مئة، وقد حكى لي جماعةٌ من مشايخ دمشق سنة خمس وست مئة عن آبائهم أنهم يذكرون حضور نور الدِّين مجلس البَلْخي] بدمشق في الجامع وما كان يخاطبه إلّا بمحمود، وكان القُطْب النَّيْسابوري بدمشق، فسألَ نور الدين أَنْ يحضر مجلسه، فحضر، فَشَرَعَ يخاطبه بمحمود، فشق على نور الدين، وقال للحاجب: اصعد إليه، وقل له لا يخاطبني باسمي، فلما فرغ [من] (3) المجلس سأله الحاجب عن ذلك، فقال [لي] (3): إنَّ البَلْخي إذا قال [لي] (?) يا محمود قامتْ كلُّ شَعْرة في جَسَدي هيبةً له، ويَرِقُّ قلبي، والقُطْب إذا قال يا محمود يقسو قلبي ويضيق صدري، ولو كان صادقًا لأَثَّر في قلبي.