وجلس للوعظ، وكان عنده صِدْقٌ، فوقع له القَبُول في قلوب النَّاس، فحسده الكاساني، وتعصَّب عليه الحنابلة، لأنه أظهر خلافهم، فَعَزَفَتْ نفسه عن المقام بدمشق].
فمضى إلى مكَّة وجاور بها، وكان إمامَ الحنفية في المسجد الحرام: ثم [(?) ندِمَ الكاساني على خروجه من دمشق، فكاتبه بالعَوْد إليها، فخرج من مكة، وجعل طريقه على بغداد، ووصل إلى] دمشق، وسَلَّم إليه الكاساني المدرسة الصَّادرية [عن تراضٍ منه.
قال الحافظ] (?): وكان صحيحَ الاعتقاد، حَسَنَ السَّمْت، سخيَّ النَّفْس، زاهدًا في الدنيا، وجُعِلَتْ له دار طَرْخان مدرسةً؛ ودرَّس بها وبمسجد خاتون، ووقفت عليه الأوقاف، وكَثرتْ عليه الفتوح، فما التفت [إليها] (?).
وكان قد تزوَّج ابنة القاضي الشريف أبي الفضل إسماعيل (?) بن إبراهيم، فادَّعى أخوها عدم الكفاءة، فانتسب البَلْخيُّ إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وثبت نسبه، وعرف النَّاسُ صحَّته، فقال الوأواء أبو الفرج (?): [من المنسرح]
قُلْ لعليٍّ أخي المكارِم سُبْـ ... ــــــــــــحانَ إلهٍ على العُلا وقَفَكْ
كم قد رأينا من مُدَّعٍ شَرَفًا ... وأنتَ في الخَلْقِ كاتمٌ شَرَفَكْ
تَسْتُرُ فَضْلًا تَحْوي كأنَّكَ لا ... تعرفُهُ ساعةً وقد عَرَفَكْ
حِلْمٌ وعِلْمٌ ونائلٌ وحِجا ... يقارنُ العِيَّ كلُّ مَنْ وصَفَكْ
تجودُ بالفَضْلِ لليتيم ولِلْـ ... ــمِسْكينِ جُودًا تَقْفو به سَلَفَكْ (?)