كان شجاعًا عالمًا، جَوَادًا عالمًا، يحبُّ العلماء والفضلاء، ويبحث معهم في فنون العلوم، ولا يرى القَتْل ولا الحبس، وكان له من الذِّمَّة وحِفْظِ الجِوار ما لم يكن للعرب العاربة، وكان ملجأَ القاصدين، وملاذ الطَّالبين، وكانت وفاتُهُ يوم الخميس ثاني ذي القَعدة، ودفن بالمشهد الذي بناه تحت مارِدِين، وكان قد نقل إليه أباه [نجم الدين] (1) وأهله، وأقام واليًا نيفًا وثلاثين سنة وقام بعده ولده ألبي [بن حسام الدين، وتمم جسر القرماني] (1) سنة تسع وأربعين [وخمس مئة] (?)، وأقام حسن السيرة، عادلًا في الرَّعية.
الذي أقامه مجيرُ الدِّين مقام أخيه، تجدَّد منه سَعْي بالفساد، فاستدعاه مجيرُ الدِّين إلى القَلْعة على حين غَفْلَةٍ لسوءِ أفعاله وقُبْح ظُلْمه، فضُربت عنُقُه مستهل ذي القَعدة، وأُخرج رأسه إلى حافَةِ الخندق، ثم طِيفَ به والنَّاس يسبُّونه ويصفون أنواع ظُلْمه ومقاسمته اللُّصوص وقُطَّاع الطريق لأموال النَّاس، ونهبتِ العامةُ دُوره وأمواله ومتاعه، وَرَدَّ مجيرُ الدِّين رياسة البلد إلى رضيِّ الدِّين أبي غالب عبد المنعم بن محمد بن أسد بن علي التَّميمي، ثم خَلَعَ عليه خِلْعة الوزارة، ولقَّبه وجيه الدَّوْلة سديد الملك، فخر الكُفاة، عزّ الموالي، شَرَفَ الرُّؤساء، وسُرَّ النَّاسُ بولايته لعِفَّته.
أبو الفَضْل، الشَّريف الواسِطي.
اتصل بمحمد بن بُوري صاحب بَعْلَبَك، وكان يُعلِّم ولده مجير الدِّين، ثم غَضِبَ عليه أبق، فنفاه من دمشق، وبعث إليه مَنْ قَتَلَه في طريقه، ومن شعْره: [من الطويل]
غرامٌ وهل بَعدَ المشيبِ غَرَامُ ... وسُقْمٌ وهل بعد الفَنَاءِ سَقَامُ