يقصد بغداد، فاشتدَّ مرضُه، فأقام بِبَرُوجِرْد أربعين يومًا مريضًا، وتُوفِّي في ربيع الأول وهو ابن أربع وعشرين سنة [وشهر (?)] , وكانت ولايته اثنتي عشر سنة.
ولمَّا احتُضر أوصى بولده ملك شاه إلى الأمير إياز فدخل بغداد، ونزل بالصبي في دار المملكة وعمره أربع سنين وعشرة أشهر، وأجلسه على التخت مكان أبيه، وخُطب له ببغداد في جمادى الأولى بالسلطنة، ولُقِّب بجلال الدولة، ونُثِرتْ الدراهم والدنانير، وكان سيف الدولة ابن مَزْيَد قد جمع خلقًا عظيمًا، وكان مباينًا لإياز وعسكر بركياروق، وكان محمَّد شاه [بإرمينية، فسار يريد بغداد، فخيَّم إياز بالزاهر، وجاء محمَّد فنزل بالرملة فركب إياز، وشارف عسكر محمَّد شاه، (?) وشاور وزيره الصفي، وقال: ما ترى؟ قال: المصلحة مصالحة محمَّد شاه. فقال له: اعبُرْ إليه واستوثِقْ منه، وقُلْ له: إني نظرتُ في المصلحة، فرأيتُ أن أغمد سيوف الإِسلام، وأحقن دماءهم. فعبر الوزيرُ إلى محمَّد شاه فأجابه، وعبر ابنُ جَهير وزيرُ الخليفة وإلكيا الهراسي والقُضاة والأشرافُ، وأخذوا اليمين على محمَّد شاه، واستوثقوا منه، وعبر إليه إياز وخدمه فأكرمه، وعبر محمَّد شاه إلى دار المملكة، وكان إياز نازلًا في دار سعد الدولة الكوهراني، فعمل السلطان محمَّد دعوة عظيمة، وقدَّم له الغلمان الترك، والخيل العتاق، والأسلحة، والجواهر النفيسة، وفيها الحبل الياقوت الذي في كان لمؤيد الملك ابن نظام الملك، واتفق أنَّ الأتراك مازحوا رجلًا فألبسوه سلاحًا وفوقه قميصًا، وتناولوه بأيديهم، فدنا من السلطان، فرأى السلاح تحت ثيابه، فاستشعر، ونهض من مكانه إلى داره، واستدعى إياز وسيف الدولة صدقة والوزير ابن سعد الملك إلى داره، وأجلسهم في مكان، وخرج الحاجب، وطلب واحدًا واحدًا ليستشيره في أمر، فأول ما قام إياز وقد أوقف له في الدهليز غلمانًا فقتلوه، ثم جمع بين رأسه وجسده، وكفَّنوه في خرقة خام، ودفنوه بمقابر الخيزران، وذلك في جمادى الآخرة، ثم خرج محمَّد شاه من بغداد يريد الجبل، وفوَّض الأمر إلى الرَّشيقي، وجعله شِحْنة العراق، وردَّ أمرَ واسط إلى صدقة بن مَزْيَد.