والذكاء والفطنة والفقه والحساب وقول الشعر، سافر عن بغداد، وسكن الرَّحبة، ثم انتقل إلى دمشق فاستوطنها، وتوفي بها ليلة الجمعة، وصُلِّي عليه يوم الجمعة مُستهلَّ ذي القعدة، ودُفن بباب الفراديس، وحضر جنازته خلقٌ عظيم، وكان صدوقًا، وقال: مرضتُ فعادني أبو حامد الإسفراييني، فقلت: [من السريع]
مرضتُ فارتَحْتُ إلى عائدِ ... فعادني العالمُ في واحدِ
ذاك الإِمام ابنُ أبي طاهرٍ ... أحمدُ ذو الفضلِ أبو حامدِ
وقال: [من المنسرح]
أعراضُ قلبي غَدَتْ معرَّفةً ... فاجتمعَتْ في الحبيب أعراضي
لا بُدَّ منه ومِنْ هواهُ ولو ... قرَّضني سيِّدي بمقراضِ
تودُّه مُهجتي وإن تَلِفَتْ ... تَوَدُّهُ في التُّراب أبعاضي
[وفيها تُوفِّي]
ابن إبراهيم بن هلال، أبو الحسين، الكاتب، الصابئ، صاحب التاريخ, ولد سنة تسع وخمسين وثلاث مئة، وجدُّه [أبو أبيه أبو إسحاق] إبراهيم صاحب الرسائل، وكان أبوه المحسن صابئًا أَيضًا، فأمَّا هو فأسلم متأخرًا [وكان يطلب الأدب] , و [كان] سبب إسلامه [ما أَنْبأنا به غير واحد عن أبي الفضل بن ناصر، حَدَّثَنَا الرئيس أبو علي محمَّد بن سعيد بن نبهان الكاتب قال: حَدَّثني هلال بن المحسن الصابئ قال: رأيتُ في المنام سنة تسع وتسعين وثلاث مئة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد جاء إلى الموضع الذي أنا فيه، والزمان شتاء، والبرد شديد، فأقامني، فأرعدتُ حين رأيتُه، فقال لا تُرَعْ، فإنِّي رسول الله، وحملني إلى بالوعة في الدار عليها دورق خزف وفيه ماء، وقال: توضأ، فتوضأت وضوء الصلاة، وكان الماء في الدورق جامدًا، فكسرته، ثم قام فصلَّى بي، وجذبني إلى جانبه، وقرأ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وركع وسجد، وأنا أفعل مثل فعله، وقام ثانيًا وقرأ الحمد وسورة، ثم سلَّم وأقبل عليَّ وقال: أَنْتَ رجل عاقل