محصل، واللهُ يريد بك خيرًا، فلِمَ تدَعُ الإِسلامَ الذي قامت عليه الدلائل والبراهين، وتقيمُ على ما أَنْتَ عليه، هاتِ يدَكَ وصافِحْني، فأعطيتُه يدي، فقال: قل: أسلمتُ وجهيَ لله، أشهد أن لا إله إلَّا الله الواحد الصَّمد (?)، الذي لم يكن له صاحبةٌ ولا ولد، وأنك يَا محمَّد رسولُ الله إلى عبادة بالبينات والهدى، فقلت ذلك، ونهض ونهضتُ معه، فرأيتُ نفسي قائمًا على الصُّفَّة، فصِحْتُ صياحَ الانزعاج والارتياع، فانتبه أهلي، وسمع أبي، وجاؤوا فقصصتُ عليهم القصة، فوجموا إلَّا أبي، فإنَّه تبسَّم وقال: ارجعْ إلى فراشك، فالحديث يكون عند الصباح، وتأملنا الدَّورق، فإذا الجمد الذي فيه متشعب بالكسر، وتقدَّم والدي إلى الجماعة بكتمان ما جرى، وقال: هذا منام صحيح، وبشرى محمودة، إلَّا أن إظهار هذا الأمر فجأةً والانتقال من شريعة إلى شريعة يحتاج إلى مقدمةٍ وأُهبةٍ، ولكنِ اعتقِدْ ما وُصِّيتَ به، فإنني معتقدٌ مثلَه، وتصرَّفْ في صلاتك ودعائك على أحكامه، ثم شاع الحديث، ومضت مدةٌ، فرأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ثانيًا على دِجلة في مشرعة باب البستان، فتقدَّمتُ إليه وقبَّلْتُ يده، فقال: ما فعلتَ شيئًا مما وافقتني عليه وقرَّرتَه معي. قلت: بلى يَا رسول الله، تصرَّفتُ في صلاتي ودعائي على موجبه. فقال: لا، وأظنُّ أنَّه بَقِيَتْ في نفسك شبهةٌ، تعال. وحملني إلى باب المسجد الذي في المَشرعة وعليه رجلٌ خراسانيٌّ نائمٌ على قفاه وجوفه كالغِرارة (?) المحشوَّة من الاستسقاء، ويداه وقدماه منتفختان، فأمرَّ يدَه على بطنه وقرأ عليه، فقام الرَّجل صحيحًا معافًى، فقلت: صلَّى اللهُ عليكَ يَا رسول الله، وانتبهتُ ثم رأيتُه في سنة ثلاث وأربع مئة في بعض الليالي راكبًا على باب الخيمة التي أنا فيها، فوقف وانحنى على سرجه، حتَّى أراني وجهَه، فقمتُ إليه وقبَّلتُ ركابه، فنزل، وطرحتُ له مِخَدَّة، فنزل وجلس وقال: يَا هذا، كم آمُرُكَ بما فيه الخير لك وأنت تتوقف عنه؟ فقلتُ: يَا مولاي، ما أنا متصرِّفٌ عليه. قال: بلى، ولكن لا يُغني الباطنُ الجميل مع (?) الظاهر القبيح، وإن كنتَ تراعي أمرًا فمراعاتُكَ اللهَ أولى، قُمِ الآنَ وافعَلْ ما يجب ولا