ذكر ولاية [بني] (?) مروان ديار بكر:

لما قُتِلَ باذ؛ كان له صِهرٌ على أخته يُقال له: مروان بن كسرى، وكان له من أخت باذ أولاد: أبو علي الحسين، وسعيد، وأحمد، وولد آخر، وكانوا من قرية يقال لها: كرماص بين إِسْعِرْد (?) والمَعْدِن وكانوا رؤساءها، فلما خرج باذ خرج معه بنو أخته فكانوا معه في وقائعه، فلما قُتِلَ باذ صاح أبو علي الحسين بأصحاب باذ: إليَّ [إليَّ] فاجتمعوا إليه، فحمل علي بني حمدان، فانهزموا أقبحَ هزيمة، ونهبهم وأخذ أموالهم، وجاء إلى حصن كَيْفا (?)، وبه زوجة خاله باذ، وكانت من الدَّيلم، فدخل الحصن وتزوَّج بها، وسار إلى ميَّافارقين وغيرها من الحصون ففتحها، وأحسَنَ السيرة، وكان إخوته في خدمته، وأحبَّه الناس، وتمَّ له فتح الحصون في سنة ثمانين وثلاث مئة، وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

وفيها توفِّي

عبد الرحيم بن محمد

ابن إسماعيل بن نُباتة أبو يحيى الخطيب الفارقي، وُلدَ بمَيَّافارقين سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة، وبرع في علم الأدب، ويقال: إنه كان يحفظ "نهج البلاغة"، وعامَّةُ خُطبه من ألفاظها ومعانيها واشتقاقاتها ومبانيها، وذلك لأنه شرب من بحرِها رَيًّا، ولم يغتبِطْ له رويًّا، فغاص ثم غاص، فلا هو هَزَّها كلامًا، ولا غيَّرها نظامًا، فسهَّلتْ خُطَبُه السعادة، ونشر الله ذِكره ووَفَر إسعادَه، وخُطَبُه في غاية الجَوْدة، إلا أنهم قد أخذوا عليه في مواضع، وما أحسن قوله: شهادةٌ أبرمَ الإيمان سببَها، وأحكم الإتقان طُنْبَهَا (?)، وهذَّب الزمانُ مذهبَها، وأعذبَ الرحمنُ مشربَها. وقولَه: نادوا في أقطار الربوع الهامدة، وآثار الجموع البائدة. وقولَه: أروى اللهُ ببحور الحِكَم صوادي قلوبنا، وغطَّى بستور النِّعم بوادي عيوبِنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015