وفيها دخلت القرامطةُ البصرةَ لمَّا علموا بموت عضد الدولة، ولم يكن لهم قوةٌ على حصارها، فجمع لهم أهلُها مالًا، فأخذوه وعادوا.
وفيها ملكت الأكراد ديار بكر (?) ومَيَّافارقين (?)، وسببه أنه كان بجبال حِيزَان (?) رجلٌ كرديٌّ يقال له: أبو عبد الله الحسين بن دُوسْتَك، ولقبه باذ، اجتمع إليه خلق كثير، وكان يقطع الطريق، ويشُنُّ الغارات على ديار بكر، فلمَّا مات عَضُدُ الدولة قَويَ أمره، وكان مُقامُه في بلد حِيزان والمَعْدِن (?)، فحدَّث نفسه بالمُلكِ، وضايق ميَّافارقين وكاتبَ أهلَها، ووعدهم بالجميل، وحلف لهم فأجابوه، وجاء ففتحوا له الباب، وكانوا من الدَّيلم في جَورٍ عظيم، فدخلها وولَّاها أخاه أبا الفوارس، وشرع في فتوح البلاد، فبعث إليه صَمْصام الدولة جيشًا مع رجل يُقال له: أبو حرب، فكسره باذ، وغنِمَ عسكرَه، فبعث إليه صَمْصام الدولة أبا الحسن علي بن الحسين المغربي والد الوزير المغربي، فنازل مَيَّافارقين وكان باذ يُغير عليه وينهب عسكره، فعاد إلى الموصل وكان واليها أبو القاسم بن سعدان، فأصلح بين باذ وصَمْصام الدولة على بعض ديار بكر، وعاد باذ إلى الغارات، وولي بهاء الدولة فجهَّزَ إليه جيشًا مع قائدٍ يُقال له: ابن الطائي، فالتقى بباذ على طور عَبْدِين (?) الرأسِ المطلِّ على نَصيبين، واقتتلوا، فقُتِلَ أبو الفوارس أخو باذ، فحُمِلَ إلى ميَّافارقين، فدُفِن بقُبَّةٍ تُعرف بقُبة أبي الفوارس، وانهزم باذ إلى حِيزان، وكان أولاد ناصر الدولة بحلب، فجاء أبو طاهر وأبو عبد الله -ابنا ناصر الدولة- يريدان الملك، فقصدوا باذ وهو يهرب من مكان إلى مكان، فضايقوه إلى طور عَبْدِين، فأراد أن يُغيِّر فرسه بآخر، فوقع فمات. وقيل: كان به رَمَقٌ، فقتلوه، وسنذكره إن شاء الله تعالى.