وفي شعبان مات مؤيد الدولة أبو منصور بُوَيْه بن ركن الدولة، وجلس صَمْصام الدولة في العزاء، وجاء الطائع مُعزِّيًا.
وفيها غَلَتِ الأسعارُ بالعراق، وجاع الناس مجاعةً عظيمةً، وبلغ كُرُّ (?) الحنطةِ ثلاثةَ آلاف درهم، والشعيرِ ألفًا وخمس مئة درهم، ثم زاد سعرُ الحنطة فبلغ الكرُّ أربعةَ آلاف درهم، والشعيرُ ألفي درهم، ومات الناس على الطُّرق، وهلك الضعفاء، ثم تناقص، وأُنزلت جُثَّة محمد بن بَقيَّة ودُفِن، وأُطلق من كان بالحبوس.
وفيها توفِّي
بُوَيه بن ركن الدولة
ويلقَّب بمؤيد الدولة (?)، وكان مقيمًا بجُرجان، ولمَّا احتُضِر قال له وزيره الصاحب بن عبَّاد: لو عهد الأميرُ الأمرَ إلى مَنْ يراه عهدًا كان أسكنَ للجند، إلى أن يتفضَّل الله بعافيته وقيامه إلى تدبير مملكته، كان ذلك من الاستظهار الذي لا ضرر فيه -وكان قد عرضت له علة الخوانيق يوم الأحد ثالث عشر شعبان (?) - فقال: أنا في شُغل عمَّا تخاطبني به، وما لهذا الملك قَدْرٌ مع انتهاء الإنسان إلى مثل ما أنا فيه، فافعلوا ما بدا لكم أن تفعلوا، ثم أشفى. فقال له الصاحب: تُبْ يا مولانا من كلِّ ما فرَّطْتَ فيه، وتبرَّأْ من هذه الأموال التي لستَ على ثقةٍ من طيبها وحصولها من حِلِّها، واعتقِدْ -متى عافاك الله- صَرْفَها في وجوهها، ورُدَّ كلَّ ظُلامةٍ تعرفها وتقدر على ردِّها. ففعل ذلك، وتلفَّظ به، وقضى نَحْبَه.
وكتب الصاحبُ في الوقت إلى فخر الدولة بالإسراع والتعجيل، وأنفذ إليه خاتمَ مؤيد الدولة، وأرسل بعض خواصِّه وثقاته، فاستخلفه على الحفظ والوفاء بالعهد، وكان فخر الدولة إذ ذاك بأسفرايين من نواحي نيسابور، وقد رأى في منامه تلك الليلة كأنَّ ركنَ الدولة وعَضُدَ الدولة في مركب في بحر أسود، وقد قَدِما إلى الساحل، وأخذا