نظرتُ إلى يحيى بنِ خاقان مُقْبلًا ... فشبَّهْتُه في المُلْكِ يحيى بن خالدِ
ومرَّ عبيدُ الله يُشْبه جعفرًا ... فأكْرِمْ بمولودٍ وأَكْرِمْ بوالدِ
جمعتُ بذا المعنى معانٍ كثيرةً ... ولم أفسدِ المعنى بطولِ القصائدِ (?)
ولما ولي المعتمدُ الخلافةَ سمَّوا له جماعةً من الوزراء، فلم يُعجِبْه إلَّا عبيدُ الله فاستوزرهُ، فقام بأمر الخلافة أحسنَ قيام وأتمَّ نظامٍ، مع كثرة المتغلّبين على البلاد، وكان أحمدُ بنُ طولون قد تغلَّب على مصرَ والإسكندرية وبَرقة، وأماجور (?) على الشَّام ودمشقَ، وسيما الطَّويل على العَواصم وقِنَّسْرين، وأيوبُ بنُ أحمد ديارَ ربيعة والموصلَ وشَهْرَزُور، وعمر بن علي (?) أَذْرَبِيجان، وابن أبي دُلَف على أَصْبَهان وهَمَذَان ونَهَاوَنْد، ويعقوب الصفَّار على خُراسان وفارس وسِجِسْتان وكَرْمان، وكيغلغ على الرَّيِّ وقُمّ وقَزْوين، والحسنُ بنُ زيد على طَبَرِستان وجُرْجَان والدَّيلَم، وصاحبُ الزَّنْج على البَصْرة والأهواز والبحرين والأُبُلَّة وعبَّادان، وكَنْجور على سَقْيِ الفراتِ، ومُساور الشَّاري على دَقوقا وطريقِ خُراسان، فدبَّر الدُّنيا حكاية.
وقال محمدُ بن أحمد بن الخصيب: قال لي عبيدُ الله يومًا: أخرج إلى الباب ترَ شيخًا من صفتِه كذا وكذا. فقل له: أبْرَمْتَني (?)، وأنت ثقيلٌ على قلبي، انصرفْ فليس لك عندي عمل، وإلَّا فعلتُ وفعلتُ، وحبستُكَ سنةً، فخرجتُ إلى الشَّيخ وإذا به قائمٌ، فأدَّيتُ إليه الرسالةَ، فقال لي غيرَ مكْترثٍ بما سمع منِّي: قل له: والله ما أتيتُك قاصدًا لكَ، ولا راغبًا فيك، ولكنَّك جلستَ في طريقِ أرزاقنا، ولابُدَّ من الاجتياز بك، وإن كان رجاءُ العاقل منوطًا بالله دونَك، وليس (?) الملكُ منعٌ ولا عطاء، ثُمَّ تضاحك، وقال: يحبسني سنةً! يا وَيحه، من ملَّكه الزمانَ المستقبلَ حتَّى يستحكمَ هذا التحكُّمَ، ويتوعَّدَ هذا التوعُّد؟ قال محمد: فدخلتُ على عبيد الله فأعدتُ عليه ما قال، فقال: صدق والله، ولقد ابتُلِيتُ به، ثمَّ ركب عبيد الله فتلقَّاه بمثل ما كان يتلقَّاه به من السَّلام،