الله تعالى، فأرسلتُ إليكَ لتشاركني في الرأي، فماذا ترى؟

قال: فقلت: إنَّ الَّذي ذكروا أسماءهنَّ في هذه الرقاع أساءَ أهلهنَّ التدبير فيهنّ؛ لأنَّهنَّ خلَّفوا لهنَّ النعم، ولم يحفظوهنَّ بالأزواج، فخلونَ بأنفسهنَّ ففسدنَ، ولو كانوا جعلوهنَّ في أعناق الأكفاء ما جرى عليهنَّ هذا، والرأيُ عندي أن تستدعيَ فلانًا القائد، فإنَّ له خمسةً من الذكور حسانًا، فتزوِّجَ كلَّ واحدةٍ بواحدٍ منهم، فتُكفى العارَ والنار، وتكون قد أخذتَ في أمرهنَّ بالحزمِ، فقال: جزاك الله خيرًا، فامضِ الساعةَ إلى القائد، وافصل هذا الأمر.

قال: فخرجتُ إلى القائد فأخبرتُه، فسرَّ بذلك، وأحضرَ القاضي والشهود، وزَوَّج الخمس بالخمسة في خطبةٍ واحدة، وحمل إسحاق إلى كلِّ واحدٍ خمسةَ آلاف دينار، وطيبًا، وثيابًا، وأعطاني خمسةَ آلاف دينار (?)، وبعثتْ إليَّ أمُّ البنات بمالٍ كثير وثيابٍ وطيب (?)، وانقلبَ ذلك الهمُّ فرحًا.

وقال الصولي: دخل إسحاق يومًا على المتوكِّل، وعنده الفتح بن خاقان، وهما يتناظران في أخلاط الكيمياء، لم يخض معهما، فقال المتوكِّل: يا إسحاق، مالك لا تتكلم معنا في هذا الباب؟ فقال: يا أمير المؤمنين، الكيمياء شيءٌ لم يتعرض له الملوكُ قبلكم، ولا نظرَ فيه آباؤك، ولكن أدلُّكَ على كيمياء هو الحقُّ الصحيح، قال: نعم، قال: تسلفني خمسينَ ألف دينار من بيت المال أنفقُها على مصالح السَّواد، ثم تنظر ما يرتفعُ لك من الزيادة.

فأمرَ له بخمسين ألف دينار من بيت المال، فحُمِلَتْ إليه، فانصرفَ إسحاق إلى بغداد، وكتبَ إلى وجوه أهل السواد، فحضروا، فقلَّدهم النفقةَ على كري الأنهار والعمارة، واستحلفهم على استعمالِ العدل في الرعيَّة، فلمَّا كان العامُ القابل عملَ الحساب فحصل من السَّواد ثلاث مئة ألف كرّ وأربعة آلاف كرّ، واثنا عشر ألف ألف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015