فزعًا، وإذا قد أُتيتُ بشخصٍ في يده سكِّين (?)، وقد قتلَ رجلًا، فقلت: اصدقني، ما خبرُك؟ فقال: نحن عشرةٌ من الفتيان نجتمع على الشراب واللهو، ولنا عجوزٌ تحمل إلينا النساء، فبينا نحن البارحةَ جلوسٌ، وإذ قد دخلت إلينا عجوز ومعها صبيَّةٌ بارعةُ الجمال، فلمَّا توسَّطَتِ الدَّارَ ورأت ما نحن عليه صرخت وغشي عليها، ثم أفاقت فقالت: يا فتيان، اتقوا الله في أمري، فإنِّي امرأةٌ علويَّةٌ، أبي عليٌّ، وأمِّي فاطمة، وجدِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا من ولد الحسين بن علي، وهذه العجوز خدعتني وقالت: تعالي فعندي جوهرٌ له قيمةٌ، فأبصريه، فوثقتُ بقولها، فهجَمتْ بي عليكم، قال: فأدركني لها رقة، وقمتُ قائمًا، وقلتُ: والله لا يصلُ إليها منكم أحدٌ إلا قتلته، فقام هذا المقتول، فتعلَّق بها، وقال: لا بدَّ منها، أتريدُ أن تنفردَ بها دوننا، فزجرتُه وخوَّفتهُ، فما انتهى، وقصدني ليقتلَني فقتلته، ثم أخرجتُها من الدار، فقالت: سترك الله كما سترتني، وسمع الجيرانُ الصيحةَ، فرأوا الرجل متشحِّطًا في دمه، فأخذوني، وحملوني إليك على حالي، فقلت له: أبشر، فقد أطلقَكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخبرته بالمنام فقال: فأنا تائبٌ إلى الله تعالى، لا عدتُ بعدَ اليوم إلى معصية، وحسُنَت توبته.
وقال القاضي مكرم (?): كان لي جارٌ أديبٌ فاضلٌ يكنَى أبا عبيدة، يعاشر إسحاق المصعبيّ، فحدثني قال: استدعاني إسحاق ليلة نصفَ الليل، فدخلتُ عليه وإذا به جالسٌ على كرسيّ وبيده سيفٌ مسلول، وسمعتُ بكاءَ امرأة من بعض الحُجَر، فأيقنتُ بالقتل، فقال لي: اجلس أبا عبيدة، فسكن رَوعي، فرمَى إليَّ برقاع أصحاب الأرباع، يخبرونَه بما تجدَّد في ليلتهم، وذكروا فيها نساءً من بنات الوزراء الأشراف الذين ماتوا، وأنَّهم وجدوهنَّ على حالةٍ غير مرضية، فقلت: وما المقصود؟ فقال: إنَّ آباءهن كانوا أجلَّ مني، أو مثلي، وقد خطرَ لي أن بناتي ربما أفضَى بهنَّ الحالُ إلى مثل هذا، وقد جمعتهنَّ في هذه الحجرة لأقتلهنَّ وأستريحَ منهنّ، ثمَّ أدركتني الرقَّة والخوف من