أهل الفضل والأدب، وهو مكرهٌ على ما يفعله، وأريدُ أن تحدثه (?)، فكره سفيان ذلك، فقال: لا بد، فسمح له بخمسة أحاديث، فما زال به حتَّى جعلَها عشرة، ثم قال سفيان لأبي: بكِّر إليَّ، قال أبي: فبكَّرت إليه وجلستُ بين يديه، فأملى عليَّ عشرةَ أحاديث، فقلت له: يا [أبا] (?) محمد، إنَّ المحدِّثَ يسهو ويغفُل، وكذا المحدَّث، فإن رأيتَ أن أقرأَها عليك مثلَ ما سمعتُها منك، فقال: اقرأ فديتك، [فقرأت عليه و] قلت: فإنَّ القارئَ ربما أغفل غَفِلَ -أغفل الحرفَ- والمقروءَ عليه ربَّما ذهبَ عنه الحرف، فأنا في حلٍّ أن أروي جميعَ ما سمعتُه منك، قال: نعم فديتك، فقرأتُها عليه مثلَ ما حدَّثني بها (?)، فقال: أنتَ والله فوق أن يُشْفَع لك، فتعال كلَّ يوم، فوددتُ والله أنَّ سائرَ أصحاب الحديث كانوا مثلك.
وقال إسحاق: أتيتُ يومًا إلى [أبي] معاوية الضرير ومعي مئةُ حديث أريدُ أنْ أقرأَها عليه، فوجدتُ في دهليزه رجلًا ضريرًا، فقال لي: إنَّ أبا معاوية قد جعلَ الإذنَ عليه اليوم إليَّ لينفعَني، وأنتَ رجلٌ جليلٌ، فقلت: معي مئة حديث، وأنا أهبُ لك عنها مئةَ درهم، قال: رضيتُ، واستأذنَ لي، فأذنَ أبو معاوية، فدخلتُ فقرأت عليه المئة، فقال لي أبو معاوية: الَّذي ضمنت لهذا يأخذُه من أذناب الناس، وأنت من رؤسائِهم، وهو ضعيف مُعيل، وأنا أحبُّ منفعتَه، فقلت: قد جعلتُها مئة دينار، فقال: أحسن الله جزاءك، فدفعتُها إليه (?).
ابن مصعب المُصْعَبيّ، كان متولِّي الشرطة، ويسمَّى صاحبَ الجسر، وله وقائع منها أنَّه قال: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في النوم وهو يقول: يا إسحاق أطلق القاتل، فانتبهتُ