وكان يقول: الرحمةُ خورٌ في الطبيعة، وما رحمتُ أحدًا قطّ، فلما وُضِعَ في التنُّور كان يقول: ارحموني، فيقال له: الرحمةُ خورٌ في الطبيعة، أنسيت قولكَ: ما رحمت أحدًا قط (?).
وقال أحمد بن الأحول (?): لمَّا قُبِضَ على ابن الزيَّات تلطَّفتُ حتى دخلتُ عليه، فرأيتُه في حديدٍ ثقيل، فقلت له: يعزُّ علي ما أرى، فقال: [من الرمل]
سلْ ديارَ الحيِّ ما غيَّرها ... وعفاها ومحا منظرَها
وهي الدُّنيا إذا ما انقلبتْ ... صيَّرت معروفَها منكرَها
إنما الدُّنيا كظلٍّ زائلٍ ... نحمدُ الله كذا قدَّرَها (?)
ولما أُلقي في التنُّور كتبَ بفحمة: [من مجزوء الرمل]
مَنْ له عهدٌ بنومٍ ... يرشدُ الضَبَّ إليهِ
رحمَ الله رحيمًا ... دلَّ عينيَّ عليهِ
سهرتْ عيني ونامتْ ... عينُ من هُنْتُ عليهِ (?)
وحكى المسعوديُّ أنَّه طلبَ دواةَ وورقةً بيضاء، فاستأذنَ الموكَّلون فيه المتوكل، فقال: اعطوه، فأتوه بهما فكتب: [من البسيط]
هو السبيل فمن يومٍ إلى يوم ... كأنَّه ما تُرِيكَ العينُ في النومِ
لا تجزعنَّ رويدًا إنَّها دولٌ ... دنيا تنقَّل من قومٍ إلى قومِ
وبعثَ بها إلى المتوكل، فأمر بإطلاقِه، فوجدوه قد مات (?).
وابنُ الزيَّات هو الذي كتبَ إليه الحسنُ بن وهب وقَد دام المطرُ أيَّامًا: [من الخفيف]