غلمانه وانصرفوا، ثم بعثَ إيتاخ إلى داره فنهبها، وأخذَ جميع ما فيها من المتاع والأثاث والدوابّ والجواري والغلمان، وبعثَ إلى داره ببغداد، فأخذَ ما فيها من مالٍ وخدم، وقبض ضياعَه وضياعَ أهل بيته وقيَّده، فامتنعَ من الطعام، وكان كثيرَ البكاء في حبسه، ثمَّ سُوهِر ومنعَ من النوم، وكان يُنْخَسُ بمسلَّة لئلَّا ينام، فأقامَ كذلك أيَّامًا، ثمَّ أَمرَ المتوكِّل بتنُّور من خشب، فيه مساميرُ من حديد، فأُدْخِل فيه، وابنُ الزيَّاتِ أوَّلُ من عملَ التنُّور وعذَّب به ابنَ أسباط المصري، حتَّى استخرجَ منه جميع ما كان عندَه، ثمَّ عُذِّبَ بالتنُّور أيَّامًا، وكان في وسط التنور خشبةٌ يجلسُ عليها المعذّبُ ليستريح، فمنعُوه من القعودِ عليها.

واختلفوا في كيفية قتلهِ، فقيل: إنه أُخْرِجَ من التنُّور فبُطِح وضُرِبَ على بطنه خمسينَ مِقْرَعة، ثم قُلِب فضربَ على أليتيه مثلَها، فماتَ وهو يضرب، ونتفوا لحيته، وعذَّبوه أشدَّ العذاب، وما أكلَ في حبسه سوى رغيفٍ أو رغيفين.

وكان يقول لنفسه: ويحك يا محمد، لم تقنعكَ الدوابُّ الفارهة، والدارُ النظيفة، والعافيةُ، حتَّى طلبتَ الوزارة، فذق وبال أمرك وما فعلت بنفسك، ثمَّ أخذ بعد ذلك بالتوبةِ والاستغفَارِ والذِّكر.

والأصحُّ أنَّه مات في التنُّور، ثم طُرِح على بابٍ من خشب، وسُلِّم إلى أهله فغسَّلُوه وحفروا له فلم يعمِّقوا، فذكروا أنَّ الكلاب نبشَتْهُ وأكلَته.

وقيل: إنَّ الذي تولَّى دفنَه ابناهُ عبيدُ الله وسليمان، وكانا محبوسين فأُخرِجَا فتولَّياه. وكان قيمةُ ما قُبِضَ له تسعينَ ألف دينار (?).

وكان حبسُ المتوكِّل إيَّاه في تاسع (?) صفر، ومات في الحبس لإحدى عشرة بقيت من ربيع الأوَّل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015