زِمَام عليك، وليس يختمُ على أرزاقي إلَّا بالطلب، فابعث إليَّ بوكيلك، فبعث جعفر وكيلَه، فدفعَ إليه عشرين ألف درهم، وقال: أنفق هذه إلى أن يهيِّئَ الله أمرك، فأخذَها، ثم بعث بعد ذلك جعفر إلى أبي الوزير يسألُه إعانتَه فبعثَ إليه بعشرة آلاف درهم.
وبلغ الواثق فنكبَ أبا الوزير، واستأصلَه، وأخذَ أمواله.
وكان جعفر لمَّا خرجَ من عند عمر الرُّخَّجِي صار إلى أحمد بن أبي دؤاد، قام واستقبلَه وقبَّل ما بين عينيه، وقال: حاجتُك، جعلتُ فداءك؟ فقال: استرضِ أميرَ المؤمنين لي، فقال: أفعلُ حبًّا وكرامةً.
وأما ابنُ الزيَّات فإنَّه كتبَ إلى الواثق يقول: أتاني جعفر بن المعتصم يسألُني أن أكلِّم فيه أميرَ المؤمنين، وهو في زيِّ المخنثين، له شعرٌ على قفاه، فكتبَ إليه الواثق: ابعث إليه من يحضره، وجزَّ شعره، واضربْ به وجهَه، فدعا به، وأمر الحجَّام، فجزَّ شعره، وضرب به قفاه ووجهه (?).
قال المتوكل: وكنتُ قد لبستُ سوادًا جديدًا لمَّا جئتُ إليه طمعًا في الرضا عنِّي، فما دخل علي شيءٌ مثلُ ما دخلَ حين أخذَ شعري على السواد الجديد.
وأما ابنُ أبي دؤاد فكلَّم الواثقَ في جعفر، فلم يرض عنه، فقال: يا أمير المؤمنين المعتصم عندي معروف، وجعفر ابنه، فبحقِّ المعتصم إلَّا رضيتَ عنه، فرضيَ عنه وكساه، فحظيَ عند المتوكل لمَّا وليَ الخلافة، ورفعَ منزلته.
ولمَّا اجتمعوا ليولُّوا خليفةً أشار ابنُ الزيات بمحمد بن الواثق، على ما ذكرنا، وتيقَّن المتوكِّلُ أنَّه أراد صرفَ الأمرِ عنه، فكان ذلك سببًا لهلاكه، فاستوزره، ولم يظهر له شيئًا حتى إذا كان يوم الأربعاء لتسع (?) خلون من صفر أمرَ إيتاخ بالقبض عليه، فأرسلَ إليه إيتاخ رسولًا، فظنَّ أنَّ المتوكِّلَ طلبَه على عادته، فركب، فلمّا حاذى دارَ إيتاخ أُنزِلَ بها، ثمَّ أُدخِلَ حجرةً، وأُخِذَ سيفُه ومِنْطَقتُه وقَلَنْسُوته ودرَّاعته، فدُفعَتْ إلى